صفحة جزء
وواجباتها تسعة : الإحرام ، والتسميع ، والتحميد في الرفع من الركوع ، والتسبيح في الركوع والسجود ، مرة مرة ، وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة ، والتشهد الأول ، والجلوس له ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في موضعها ، والتسليمة الثانية في رواية من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته ، ومن تركه سهوا سجد للسهو ، وعنه : إن هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها .


( وواجباتها تسعة ) هذا هو القسم الثاني من الواجبات ، وسمى أبو الفرج الواجب سنة اصطلاحا ، قال ابن شهاب : كما سمى المبيت ، ورمي الجمار ، وطواف الصدر سنة ، وهو واجب ( التكبير غير تكبيرة الإحرام ) في الأصح ، لأنه عليه السلام كان يكبر ، وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي ، وعنه : ركن لا يسقط بالسهو كتكبيرة الإحرام ، وعنه : يسقط في حق مأموم فقط ، وعنه : سنة ، لأنه عليه السلام لم يعلم المسيء في صلاته ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، قلنا : ولم يعلمه التشهد ، ولا السلام ، ولعله اقتصر على تعليمه ما أساء فيه ( والتسميع ) وهو قول : سمع الله لمن حمده في حق إمام ، ومنفرد ( والتحميد ) وهو قول : ربنا ولك الحمد في حق الكل ( في الرفع من الركوع لما سبق من النصوص فعلا له ، وأمرا به ( والتسبيح في الركوع ، والسجود مرة مرة ) [ ص: 497 ] على المذهب ، والزائد على المرة سنة ( وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة ) على المشهور ، ولم ينقل تركه ، وعنه : سنة ، لأنه لم يعلمه المسيء في صلاته ( والتشهد الأول والجلوس له ) اختاره الأكثر ، لأنه عليه السلام فعله ، وداوم على فعله ، وأمر به ، وسجد للسهو حين نسيه ، وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات لسقوطها بالسهو ، وانجبارها بالسجود كواجبات الحج ، ويستثنى مأموم قام إمامه عنه سهوا فيتابعه ( والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ) في رواية اختارها الخرقي ، وفي " المغني " وهي ظاهر المذهب ، وصححها في " الشرح " وجزم بها في " الوجيز " لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا [ الأحزاب : 56 ] ، والأمر للوجوب ، ولا موضع تجب فيه الصلاة أولى من الصلاة المفروضة ، وعنه : ركن ، قدمها في " المحرر " و " الفروع " وصححها في " المذهب " و " الوسيلة " وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة ، وأنها اختيار الأكثر لحديث كعب ، وعنه : سنة ، قال المروزي لأبي عبد الله : إن ابن راهويه يقول : لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد بطلت صلاته ، فقال : ما أجترئ أن أقول مثل هذا ، وفي رواية : هذا شذوذ . لقوله : إذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك ، وكخارج الصلاة ( في موضعها ) أي : في التشهد الأخير بعد الشهادتين ( والتسليمة الثانية في رواية ) قال القاضي : وهي أصح جزم بها في " الوجيز " لأنه عليه السلام كان يسلمهما ، ولأنها عبادة شرع لها تحليلان ، فكانت واجبة كالأولى ، وعنه : أنها ركن كالأولى ، صححه في " المذهب " وقدمه في " التلخيص " وابن تميم ، وابن حمدان ، وهي ظاهر " الهداية " و " المحرر " لعموم قوله : وتحليلها [ ص: 498 ] التسليم ، فعلى هذا هما من الصلاة ، وعنه : سنة ، اختارها المؤلف ، وصححها في " الشرح " وجزم بها في " الوجيز " وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه ، وعنه : في النفل ، وعنه : هما واجبتان ، وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة ، وصححها في " الوسيلة " قال القاضي : الثانية سنة في الجنازة والنافلة رواية واحدة ( من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته ) لأنها واجبة أشبهت الأركان ( ومن تركه سهوا ) أو جهلا ، نص عليه ( سجد للسهو ) لأنه عليه السلام لما ترك التشهد الأول سجد له قبل أن يسلم متفق عليه من حديث عبد الله بن بحينة ، ولولا أنه واجب لما سجد لجبره ، لأنه لا يزيد في الصلاة لجبر ما ليس بواجب ، وغير التشهد من الواجبات مقيس عليه ، ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجب يجبر إذا تركه ، وإن كانت لا تصح إلا بها كالحج ، واقتضى كلامه أن الصلاة صحيحة بترك الواجب سهوا ، لأنه عليه السلام بنى على صلاته ( وعنه : أن هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها ) لعدم تعليمها للمسيء .

تنبيه : إذا ترك شيئا ، ولم يدر أفرض أم سنة ، لم يسقط فرضه للشك في صحته ، وإذا اعتقد الفرض سنة ، أو بالعكس ، فصلاها على ذلك لم يصح ؛ لأنه بناها على اعتقاد فاسد ، ذكره ابن الزاغوني ، وظاهر كلامهم خلافه ، قال أبو الخطاب : لا يضره أن لا يعرف الركن من الشرط ، والفرض من السنة ، ورد المجد على من لم يصحح الائتمام بمن يعتقد أن الفاتحة نفل بفعل الصحابة فمن بعدهم مع شدة اختلافهم فيما هو الفرض ، والسنة ، ولأن اعتقاد الفرضية ، والنفلية يؤثر في جملة الصلاة لا تفاصيلها ؛ لأن من صلى يعتقد الصلاة فريضة ، [ ص: 499 ] فأتى بأفعال تصح معها الصلاة ، بعضها فرض ، وبعضها نفل ، وهو يجهل الفرض من السنة ، أو يعتقد الجميع فرضا صحت صلاته إجماعا .

فرع : الخشوع - وهو ما يتعلق بالقلب سنة - ذكره المؤلف ، وجمع ، وذكر الشيخ وجيه الدين أنه واجب ، قال في " الفروع " : مراده - والله أعلم - في بعضها ، وإن أراد في كلها ، فإن لم تبطل بتركه فخلاف قاعدة ترك الواجب ، وإن أبطل به فخلاف الإجماع ، وكلاهما خلاف الأخبار .

فائدة : من علم بطلان صلاته ، ومضى فيها أدب لاستهزائه بها ، ذكره السامري ، ولا يكفر إذا صلى محدثا بلا عذر متعمدا في قول الجماهير ، لأن الكفر بالاعتقاد ، وهذا اعتقاد صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية