صفحة جزء
والعمل المستكثر في العادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه ، ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود ، وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته ، قل أو كثر ، وإن كان سهوا . لم تبطل إذا كان يسيرا


( والعمل المستكثر في العادة ) هذا شروع في بيان القسم الثاني في زيادة الأفعال ( من غير جنس الصلاة ) لغير حاجة كالمشي ، والتروح ، ونحوهما ( يبطلها عمده ، وسهوه ) لما فيه من قطع الموالاة بين الأركان ما لم يكن ضرورة ( ولا تبطل باليسير ) لحمل أمامة ، وفتح الباب لعائشة ، وقد علم منه أن المرجع فيهما إلى العرف ، وذكره في " المستوعب " و " الشرح " ( ولا يشرع له سجود ) لعدم سجوده عليه السلام له ( وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر ) لأنه عمل من غير جنس الصلاة ، فاستوى كثيره وقليله كالجماع ، وظاهره لا فرق بين الفرض ، والنفل ، وهو إجماع من يحفظ عنه في الفرض ، لأنهما ينافيان الصلاة إلا ما حكاه في " الرعاية " قولا أنها لا تبطل بيسير شرب ، لكنه غير معروف ، وكذا النفل ، قدمه جماعة ، وذكر في " الشرح " أنه الصحيح من المذهب ، وبه قال أكثرهم ، لأن ما أبطل الفرض أبطل النفل كسائر المبطلات ، وعنه : لا ، إذا كان يسيرا كغيرهما ، وعنه : لا تبطل بالشرب فقط ، لما روي أن ابن الزبير ، وسعيد بن جبير شربا في التطوع . قال الخلال : سهل أبو عبد الله في ذلك ، وذكر ابن هبيرة أنه المشهور عنه ، لأن مد النفل ، وإطالته مستحبة مطلوبة ، فيحتاج معه كثيرا إلى جرعة ماء لدفع العطش ، كما سومح به جالسا ، وعلى الراحلة ( وإن كان ) الأكل أو الشرب ( سهوا ) أو جهلا [ ص: 508 ] ولم يذكره جماعة ( لم تبطل إذا كان يسيرا ) كذا ذكره معظم الأصحاب ، لأن تركهما عماد الصوم ، وركنه الأصلي ، وفواته اقتضاء لإبطاله من إبطاله الصلاة ، فإذا لم تؤثر فيه حالة السهو فالصلاة أولى ، وكالسلام ، قال في " الكافي " : فعلى هذا يسجد ، لأنه يبطل الصلاة بعمده ، وعفي عن سهوه ، فيسجد له لجنس الصلاة ، وعنه : تبطل به ، وهو قول الأوزاعي ، وقدمه في " الكافي " لأنه جنس الصلاة ، فاستوى سهوه وعمده ، كالكثير ، وقيل : تبطل بالأكل فقط ، وظاهره أنها تبطل به إذا كان كثيرا بغير خلاف ، قاله في " الشرح " لأن غيرهما يبطلها إذا كثر فهما أولى ، وقيل : الفرض وحده ، قاله في " الرعاية " والمذهب أنها لا تبطل بيسير شرب عرفا في نفل ، ولو عمدا ، وظاهر ما في " المستوعب " و " التلخيص " أن الفرض ، والنفل لا يبطل بكثير ذلك سهوا .

تنبيه : إذا ترك بفيه سكرا ونحوه ، وبلع ما ذاب فهو كالأكل ، وكما لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه ، وقيل : لا يبطل فيهما ، وإن بقي بين أسنانه بقية طعام يجري به ريقه فبلعه ، أو ازدرده بلا مضغ ، أو ترك بفمه لقمة لم يمضغها ، ولم يبتلعها ، لم تبطل للمشقة ، ولأنه عمل يسير ، لكنه يكره ، ذكره جمع ، لأنه يشغله عن خشوع الصلاة ، فإن لاكها فهو كالعمل إن كثر تبطل ، وإلا فلا ، ذكره في " الكافي " و " الرعاية " وقال في الروضة : ما أمكن إزالته بطلت بابتلاعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية