صفحة جزء
ويكفيه لجميع السهو سجدتان ، لا أن يختلف محلهما ، ففيه وجهان ، ومتى سجد بعد السلام ، جلس ، فتشهد ، ثم سلم ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا ، بطلت الصلاة ، وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل .


( ويكفيه لجميع السهو سجدتان ) إذا لم يختلف محلهما بغير خلاف [ ص: 529 ] ( إلا أن يختلف محلها ، ففيه وجهان ) أحدهما يكفيه سجدتان ، نص عليه ، ونصره المؤلف ، وهو ظاهر " الوجيز " وقول الأكثر ، لأنه عليه السلام سها فسلم ، وتكلم بعد سلامه ، وسجد لهما سجودا واحدا ، ولأنه شرع للجبر فكفى فيه سجود واحد ، كما لو كان من جنس ، ولأنه إنما أخر ليجمع السهو كله ، والثاني : يتعدد ، قدمه في " المحرر " لعموم حديث ثوبان : لكل سهو سجدتان بعد السلام ، ولأن كل سهو يقتضي سجودا ، وإنما يتداخلان في الجنس الواحد ، وجوابه : بأن السهو اسم جنس فيكون التقدير : لكل صلاة فيها سهو سجدتان ، يدل عليه قوله : بعد السلام ، ولا يلزمه بعد السلام سجودان الجنسان ما كان قبل السلام ، وبعده ، وقيل : ما كان من زيادة ، ونقص ، والأول أولى ، قاله المؤلف ، وإذا قيل بالتداخل سجد قبل السلام ، لأنه الأصل ، وقيل : بعده ، وقيل : الحكم للأسبق .

فرع : إذا شك في محل سجوده سجد قبل السلام ، ومن شك هل سجد لسهوه أو لا ؛ سجد مرة في الأشهر ، فلو فارق إمامه لعذر ، وقد سها الإمام ، ثم سها المأموم فيما انفرد به ، فالمنصوص عنه أنهما جنس واحد ، ويكفيه في الأصح سجود لسهوين ، أحدهما جماعة ، والآخر منفردا .

( ومتى سجد بعد السلام ) زاد المؤلف ، وغيره ، سواء كان محله بعد السلام ، أو قبله فنسيه إلى ما بعده ( جلس فتشهد ) أي : التشهد الأخير وجوبا ( ثم سلم ) وهو قول جماعة منهم ابن مسعود ، لما روى عمران أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها فسجد سجدتين ، ثم تشهد ، ثم سلم رواه أبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، ولأنه سجود يسلم له ، فكان معه تشهد يعقبه سلام ، كسجود الصلب ، وفي [ ص: 530 ] توركه في شأنه وجهان ، ويكبر للسجود ، والرفع منه لفعله عليه السلام ، وقيل : إن سجد بعد السلام كبر واحدة ، ذكره ابن تميم ، وصفته ، وما يقول فيه ، وبعد الرفع منه كسجود الصلب ، وقيل : لا يتشهد ، اختاره الشيخ تقي الدين ، كسجوده قبل السلام ، ذكره في الخلاف إجماعا ، ولأنه سجود مفرد أشبه سجدة التلاوة .

( ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا; بطلت الصلاة ) بما قبل السلام ، لأنه ترك الواجب عمدا ، وعنه : لا ، ذكره في " المحرر " قولا مع قطعه بوجوبه كواجبات الحج ( وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل ) في ظاهر المذهب ، لأنه جبر للعبادة خارج منها ، فلم تبطل بتركها ، كجبرانات الحج ، وسواء تركه عمدا أو سهوا ، وعنه : تبطل قياسا على المشروع قبل السلام ، ويفرق بين الواجب في الصلاة ، والواجب لها ، لأن الأذان ، والجماعة ، واجب لها ، ولا تبطل بترك شيء من ذلك ، وفي صلاة المأمومين عليهما الروايتان .

التالي السابق


الخدمات العلمية