صفحة جزء
[ ص: 17 ] ثم التراويح ، وهي عشرون ركعة يقوم بها في رمضان في جماعة ، ويوتر بعدها في الجماعة ، فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده ، وإن أحب متابعة الإمام ، فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى .


( ثم التراويح ) : سميت به لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربع يستريحون ، وقيل : لأنها مشتقة من المراوحة ; وهي التكرار في الفعل ; وهي سنة سنها النبي ، وليست محدثة لعمر ; وهي من أعلام الدين الظاهرة ، وقال أبو بكر : تجب ، والصحيح الأول ; لأن في المتفق عليه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بأصحابه ليلتين أو ثلاثا ثم تركها خشية أن تفترض . ( وهي عشرون ركعة ) : في قول أكثر العلماء ، وقد روى مالك عن يزيد بن رومان قال : كان الناس يقومون في زمن عمر رضي الله عنه في رمضان بثلاث وعشرين ركعة ، والسر فيه أن الراتبة عشر ، فضوعفت في رمضان ; لأنه وقت جد وتشمير . وقال مالك : ست وثلاثون ، وزعم أنه الأمر القديم ، وتعلق بفعل أهل المدينة ، وحكى الترمذي عنهم أنها إحدى وأربعون ركعة ، واختاره إسحاق . وقال السائب بن يزيد : أمر عمر أبيا ، وتميما أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة . رواه مالك ، وقال أحمد : روي في هذا ألوان ، ولم يقض فيه بشيء ، وقال عبد الله : رأيت أبي يصلي في رمضان ما لا أحصي ، وقال أيضا : لا بأس بالزيادة على عشرين ركعة ، وحكاه في " الرعاية " قولا : ( يقوم بها في رمضان ) بعد سنة العشاء ، وقبل الوتر ، وعنه : أو بعد العشاء ، جزم به في ( العمدة ) لا قبلها ، وخالف فيه بعض الحنفية ، وأفتى به بعض أئمتنا لأنها من صلاة الليل ، وشنع الشيخ تقي الدين عليه ، ونسبه إلى البدعة ، ولا تكفيها نية واحدة في الأصح . ( وفي جماعة ويوتر بعدها في الجماعة ) نص عليه . قال أحمد : كان علي ، وجابر ، وعبد الله يصلونها في الجماعة ، وروى البيهقي عن علي أنه كان يجعل للرجال إماما ، وللنساء إماما ، وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أهله ، وأصحابه ، وقال : إنه [ ص: 18 ] من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة . رواه أحمد ، وصححه الترمذي . وفهم منه : أن وقتها ممتد إلى الفجر الثاني ، وظاهره لا فرق بين المسجد وغيره ، وجزم في المستوعب ، وغيره أن السنة المأثورة فعلها جماعة في المساجد ، وفعلها أول الليل أحب إلى أحمد ، لكن ذكر ابن تميم ، وغيره أنه لا بأس بتأخيرها بمكة ، وشمل كلامه ما إذا كان أوله غيم ، وقلنا بالصوم فإنها تفعل ، واختاره ابن حامد ، والسامري ، واختار أبو حفص لا ; وهو الأظهر ، قاله في " التلخيص " . أنواع : يسن أن يجهر فيها ، وفي الوتر بالقراءة ، واستحب أحمد أن يبتدئ فيها بسورة ( القلم ) ثم يسجد ثم يقوم فيقرأ من ( البقرة ) ولا يزيد فيه على ختمة إلا أن يوتروا ، ولا ينقص عنها ، نص عليه ، وقيل : يعتبر حالهم ، ويدعو لختمه قبل ركوع آخر ركعة منها ، ويرفع يديه ، ويطيل الأولى ويعظ بعدها ، نص على الكل ، وقيل : يختم في الوتر ، ويدعو ، وقيل : يدعو بعد كل أربع كبعدها . وكرهه ابن عقيل ، وقال : هو بدعة ، ويستريح بين كل أربع . فعله السلف ، ولا بأس بتركه ، وقراءة ( الأنعام ) في ركعة بدعة . ( فإن كان تهجد جعل الوتر بعده ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) . متفق عليه ، وهذا على سبيل الأفضلية ( وإن أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى ) نص عليه ، وجزم به الأشياخ ; لقوله عليه السلام : ( لا وتران في ليلة ) . رواه أحمد ، وأبو داود من حديث قيس بن طلق عن أبيه ، وقيس فيه لين . قال السامري : وينوي بالركعة فسخ الوتر ، وعنه : يعجبني أن يوتر معه . اختاره الآجري ، وقال القاضي : إن لم يوتر معه لم يدخل في [ ص: 19 ] وتره ; لئلا يزيد على ما اقتضته تحريمة الإمام ، فلو أوتر ثم صلى لم ينقض وتره . نص عليه ونصره المؤلف ، ثم لا يوتر ، ويتوجه احتمال يوتر ، وعنه : ينقضه ، وعنه : بركعة ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر ، وعنه : يخير في نقضه ، وظاهر ما سبق أنه لا بأس بالتراويح مرتين في مسجد أو مسجدين جماعة أو فرادى .

التالي السابق


الخدمات العلمية