صفحة جزء
[ ص: 20 ] وصلاة الليل أفضل من النهار ، وأفضلها وسط الليل ، والنصف الأخير أفضل من الأول .

وصلاة الليل مثنى مثنى ، وإن تطوع في النهار بأربع ، فلا بأس . والأفضل مثنى .


( وصلاة الليل أفضل من النهار ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) . رواه مسلم ، وقال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار . رواه ابن أبي الدنيا ، ولأنها أبلغ في الإسرار ، وأقرب إلى الإخلاص ; فالتطوع المطلق أفضله صلاة الليل . قال أحمد : ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل ، وهل هي أفضل من السنن الراتبة ؛ فيه خلاف . ( وأفضلها وسط الليل ) : ذكره جماعة منهم في " الوجيز " . قال آدم بن أبي إياس : حدثنا أبو هلال الراسبي ، عن الحسن مرفوعا : ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط ) وفي الصحيح مرفوعا : ( أفضل الصلاة صلاة داود ; كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ) ويروى أن داود عليه السلام قال : يا رب ، أي وقت أقوم لك ، قال : لا تقم أول الليل ، ولا آخره ، ولكن وسط الليل حتى تخلو بي ، وأخلو بك ، ولم يذكر " الكافي " و " المذهب " أن الأوسط أفضل ، وفي ( الرعاية ) : آخره خير ثم وسطه . ( والنصف الأخير أفضل من الأول ) لقوله تعالى كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون [ الذاريات : 17 ، 18 ] وورد أن العرش يهتز وقت السحر ، وفي الصحيح مرفوعا قال : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ; فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؛ من يسألني فأعطيه ؛ من يستغفرني فأغفر له ؛ ) ومن الثلث الأوسط ، والثلث بعد النصف أفضل مطلقا . نص عليه ، وعنه : الاستغفار في السحر أفضل من الصلاة ، ولا يقومه كله [ ص: 21 ] إلا ليلة عيد ، وقيامه كله عمل الأقوياء حتى ولا ليالي العشر ، قال أحمد : إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه السهر ، وقيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ، والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ، وتكره مداومة قيام الليل ; وهو مستحب إلا على النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وصلاة الليل مثنى مثنى ) متفق عليه ; فإن زاد على ذلك فاختار ابن شهاب والمؤلف أنه لا يصح ، قال أحمد فيمن قام في التراويح إلى ثالثة : يرجع وإن قرأ ; لأن عليه تسليما ، ولا بد ، للخبر ، وعنه : يصح مع الكراهة ، ذكره جماعة ; وهو المشهور ، وسواء علم العدد ، أو نسيه . قوله : مثنى ، هو معدول عن اثنتين اثنتين ; ومعناه معنى المكرر ، فلا يجوز تكريره ، وإنما كرره عليه السلام للفظ لا للمعنى ، وذكر الزمخشري : منعت الصرف للعدلين عدلها عن صيغتها ، وعدلها عن تكرارها . ( وإن تطوع في النهار بأربع ) كالظهر ( فلا بأس ) لفعله عليه السلام . رواه النسائي من حديث علي ، وعن ابن عمر نحوه ، وعن أبي أيوب مرفوعا ( من تطوع قبل الظهر أربعا لا يسلم فيهن تفتح له أبواب السماء ) . رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه البخاري ، وإن لم يجلس إلا في آخرهن ; فقد ترك الأولى ، يقرأ في كل ركعة مع الفاتحة سورة ; فإن زاد على أربع نهارا كره . رواية واحدة ، وفي الصحة روايتان . قاله في " المذهب " وقدم في " الفروع " الصحة [ ص: 22 ] ( والأفضل مثنى ) لما روى علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . رواه الخمسة ، وصححه البخاري ، وقال أحمد : إسناده جيد ، وعلي بن عبد الله روى له مسلم ، ولأنه أبعد من السهو ، وأشبه بصلاة الليل ، وقيل : لا يصح إلا مثنى . ذكره في المنتخب . زيادة : كثرة ركوع وسجود أفضل من طول قيام ، وقيل : نهارا . وعنه : طول القيام ، قدمه في " الرعاية " ، وعنه : التساوي . اختاره المجد وحفيده . وبالجملة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه أو تطويله ، فالأفضل اتباعه فيه ، وكان أحمد يعجبه أن يكون له ركعات معلومة .

التالي السابق


الخدمات العلمية