صفحة جزء
ويستحب لأهل الثغر الاجتماع في مسجد واحد ، والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره .

ثم ما كان أكثر جماعة ، ثم في المسجد العتيق ، وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب على روايتين


( ويستحب لأهل الثغر ) هو موضع المخافة من فروج البلدان ( الاجتماع في مسجد واحد ) لأنه أعلى للكلمة ، وأوقع للهيبة ، فإذا جاءهم خبر عن عدوهم سمعه جميعهم ، وتشاوروا في أمرهم ، وإن جاء عين للكفار رأى كثرتهم بها . قال الأوزاعي : لو كان الأمر إلي ، لسمرت أبواب المساجد التي للثغور ; ليجتمع الناس في مسجد واحد . ( الأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره ) لأنه يحصل به ثواب عمارة المسجد ، وتحصيل للجماعة لمن يصلي فيه ، وذلك معلوم [ ص: 44 ] في حق غيره ، زاد في " الشرح " وابن تميم ، وكذلك إن كانت تقام فيه مع غيبته ، إلا أن في قصد غيره كسر قلب جماعة ، فجبر قلوبهم أولى . ( ثم ما كان أكثر جماعة ) ذكره في " الكافي " وغيره ، وفي " الشرح " أنه الأولى ، وصححه ابن تميم لما روى أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الرجل مع رجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما هو أكثر فهو أحب إلى الله ) . رواه أحمد ، وأبو داود ، وصححه ابن حبان ، ( ثم ) إن استويا فيكون الأفضل فعلها ( في المسجد العتيق ) لأن الطاعة فيه أسبق ، والمذهب أنه يقدم على الأكثر جماعة ، وقيل : إن استويا في القرب والبعد . قال في " الرعاية " : وهو أظهر ، وفي " الوجيز " : العتيق أفضل ، ثم الأبعد ، ثم ما تمت جماعته . ( وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب ؛ على روايتين ) إحداهما : قصد الأبعد أفضل . جزم به في " الوجيز " وقدمه في " المحرر " و " الفروع " لما روى أبو موسى مرفوعا : ( إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم ممشى ) رواه مسلم ، ولكثرة حسناته بكثرة خطاه ، والثانية : قصد الأقرب لما تقدم ، ولأن له جوارا فكان أحق بصلاته ; كما أن الجار أحق بمعروف جاره ، وكما لو تعلقت الجماعة بحضوره ، وقيل : يقدمان على الأكثر جمعا . مسألة : تقدم الجماعة مطلقا على أول الوقت ذكروه في كتب الخلاف ، وهل فضيلة أول الوقت أفضل أم انتظار كثرة الجمع ؛ فيه وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية