صفحة جزء
ولا تصح إمامة محدث ، ولا نجس يعلم ذلك ، فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده .


( ولا تصح إمامة محدث ، ولا نجس يعلم ذلك ) هذا هو المجزوم به عند المعظم ; لأنه أخل بشرط الصلاة مع القدرة ، أشبه المتلاعب لكونه لا صلاة له في نفسه ، وظاهره : أن من صلى خلفه فعليه الإعادة سواء جهل الحدث أو علمه ، وصرح به في " المذهب " وغيره خلافا للإشارة ، وبناه في الخلاف على إمامة الفاسق لفسقه بذلك ، وقيل للقاضي : هو أمين على طهارته لا يعرف إلا من جهته ، فإذا علمنا بقوله لم يقبل رجوعه ، كما لو أقرت بانقضاء العدة وزوجت ثم رجعت ؛ قال : فتجب لهذا المعنى أن لا يقبل قوله قبل الدخول في الصلاة ، وعلى أن دخولها في عقد النكاح اعتراف بصحته ، فلم تصدق ، وهذا من أمر الدين ، فقيل : كقبل الصلاة ، وعلله في " الفصول " بأنه فاسق ، وإمامته عندنا لا تصح ، ولكن الفرق واضح بأن الفاسق متطهر ، وإنما تخلفت الصحة لمانع ، بخلافه هنا ( فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده ) [ ص: 75 ] ذكره جماعة منهم المؤلف ، وفي " المحرر " ، و " التلخيص " لما روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته ، وتمت للقوم صلاتهم رواه محمد بن الحسين الحراني ; وهو قول جماعة من الصحابة ; وهو محل الشهرة ، ولم ينكر ، فكان إجماعا ، ولأن الحدث مما يخفى ، ولا سبيل إلى معرفته ، فكان المأموم معذورا ، وهذا في غير الجمعة إذا كان بالإمام أربعين فإنها لا تصح ، كما لو كان المأموم محدثا فيها ، وعنه : يعيد كالإمام ، اختاره أبو الخطاب ، روي عن علي ، ولم يثبت ، ولأنه صلى بهم محدثا ، أشبه ما لو علم ، وحكم النجاسة كالحدث ; لأن كلا منهما طهارة لها ، والمجزوم به في " المحرر " اختصاص الحكم بالحدث ; لأن النجاسة أخف ، وخفاؤها أكثر ، فلذلك صحت صلاة الإمام مع نسيانها ، وعلم منه أنه إذا علم هو والمأموم فيها استأنف المأموم على الأصح ; لأنه ائتم بمن صلاته فاسدة ، أشبه ما لو ائتم بامرأة ، وعنه : يبني ، ذكرها ابن عقيل ; لأن ما مضى من صلاتهم صحيح ، فكان لهم البناء عليه جماعة أو فرادى ، فإن علم معه واحد أعاد الكل ، نص عليه ، واختار القاضي والمؤلف : يعيد من علم ، وإن علمه اثنان ، فأنكره هو ، أعادوا ، نقله أبو طالب ، واحتج بخبر ذي اليدين ، وقيل : بل هما فقط . فائدة : إذا علم أن على إمامه فائتة ، وصحت صلاته في وجه ، ففي صلاة المأموم وجهان ، وإن علم أنه ترك واجبا عليه فيها سهوا ، أو شك في إخلال إمامه بشرط أو ركن صحت صلاته معه ، بخلاف ما لو ترك الستارة أو الاستقبال ; لأنه لا يخفى غالبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية