صفحة جزء
ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة إلا الجبيرة على إحدى الروايتين .


( ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة ) هذا هو المشهور ، والمجزوم به عند المعظم ، لما روى أبو بكرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة ، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما رواه الشافعي ، [ ص: 139 ] وابن خزيمة ، والطبراني ، وحسنه البخاري ، وقال : هو صحيح الإسناد ، والطهر المطلق ينصرف إلى الكامل ، ولأن ما اشترطت له الطهارة اشترط كمالها كمس المصحف ، والثانية : لا ، اختارها الشيخ تقي الدين وفاقا لأبي حنيفة لما روى المغيرة بن شعبة قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين متفق عليه ، ولفظه للبخاري ، وهو أعم أن يوجد ذلك معا ، أو واحدة بعد أخرى ، لأن حدثه حصل بعد كمال الطهارة ، واللبس ، فجاز المسح كما لو نزع الأول ، ثم لبسه ، فلو غسل رجلا ، ثم أدخلها الخف خلع ، ثم لبس بعد غسل الأخرى ، وإن لبس الأولى طاهرة ، ثم الثانية ، خلع الأولى ، وظاهر كلام أبي بكرة : والثانية ، ولو نوى جنب رفع حدثيه ، وغسل رجليه ، وأدخلهما الخف ، ثم تمم طهارته ، أو فعله محدث ، ولم يعتبر الترتيب فإنه يمسح ، وعلى الأولى : لا ، وكذا لبس عمامة قبل طهر كامل ، فلو مسح رأسه ، ثم لبسها ، ثم غسل رجليه ، مسح على الثانية ، وعلى الأولى يخلع ثم يلبس ، وكذا ينبني عليهما : لو غسل رجليه ، ثم لبس خفيه ، ثم غسل بقية أعضائه ، وقلنا : لا ترتيب ، وإن تيمم ثم لبس الخف لم يجز المسح ، نص عليه ، لأن التيمم لا يرفع حدثا على المذهب ، وقيل : بالجواز بناء على أنه رافع ، قال الشيخ تقي الدين : هذا فيمن تيممه لعدم الماء ، أما من تيمم لمرض كالجريح ، ونحوه ، فينبغي أن يكون كالمستحاضة ، وتعليلهم يقتضيه ، ومن توضأ بسؤر المشكوك فيه ، ثم لبس ، ثم توضأ منه مرة أخرى ، فله المسح ، ولا يمسح على طهارة لا تبيح الصلاة غير هذه ، وكلامه شامل لأصحاب الأعذار كمن به سلس البول ، والمستحاضة ، ونحوهما ، وهو المنصوص ، لأن طهارتهم في حقهم كاملة . فلو زال العذر [ ص: 140 ] لزمهم الخلع ، واستئناف الطهارة كالمتيمم يجد الماء بخلاف ذي الطهر الكامل يخلع ، أو تنقضي المدة ، وقد علم مما سبق اشتراط تقدم الطهارة ، وهو المعروف . قال في " المغني " : بغير خلاف نعلمه ، وحكى الشيرازي رواية بعدمه رأسا .

فلو لبس محدثا ، ثم توضأ ، وغسل رجليه جاز له المسح ، وهو غريب بعيد .

مسألة : يكره اللبس على طهارة يدافع أحد الأخبثين ، نص عليه ، لأنه يراد للصلاة أشبه الصلاة .

( إلا الجبيرة على إحدى الروايتين ) فإنه لا يشترط لها تقدم الطهارة قدمها ابن تميم ، واختارها الخلال ، وابن عقيل ، وصاحب " التلخيص " فيه ، والمؤلف ، وجزم بها في " الوجيز " للأخبار ، وللمشقة ، لأن الجرح يقع فجأة ، أو في وقت لا يعلم الماسح وقوعه فيه ، والثانية : يشترط اختاره القاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب ، وقدمها في " الرعاية " ، و " الفروع " لأنه مسح على حائل ، أشبه الخف ، فعليها حكمها حكم الخف في الطهارة ، فإن شد على غير طهارة نزع ، وإن شق نزعها تيمم لها ، وقيل : ويمسح ، وقيل : هما ، وكذا لو تعدى بالشد محل الحاجة وخاف ، وإن كان شد على طهارة مسح فيها حائلا ، فإن كان جبيرة جاز ، وإلا فوجهان ، وكذا لبسه خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه ، وقال ابن حامد : إن كانت في رجله ، وقد مسح عليها ، ثم لبس الخف لم يمسح عليه .

[ ص: 141 ] تنبيه : قوله على إحدى الروايتين يحتمل أن الخلاف راجع إلى ما عدا الجبيرة من الممسوح ، ويحتمل أن يعود إليها ، وهو وإن قرب ففيه بعد ، قاله ابن المنجا من جهة أن الخلاف فيها ليس مختصا بالكمال ، وأن الخلاف فيما عداها أشهر من الخلاف فيها ، فيه نظر ووجهه ظاهر .

فرع : الدواء كجبيرة ، ولو جعل في شق قارا ، وتضرر بقلعه ، فعنه : يتيمم للنهي عن الكي ، وعنه : له المسح كما لو ألقم إصبعه مرارة لحاجة ، وشق نزعها ، وعند ابن عقيل : يغسله ، وعند القاضي : إن خاف تلفا صلى وأعاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية