صفحة جزء
ولا تصح إمامة الأمي ، وهو من لا يحسن الفاتحة ، أو يدغم حرفا لا يدغم ، أو يبدل حرفا ، أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى إلا بمثله . وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته .


[ ص: 76 ] ( ولا تصح إمامة الأمي ) منسوب إلى الأم ، وقيل : أمة العرب ( وهو من لا يحسن الفاتحة ) أي : لا يحفظها ، أي : لا تصح إمامته بمن يحسنها ، مضت السنة على ذلك ، قاله الزهري ; لأن القراءة شرط مقصود في الصلاة ، فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه ، كالطهارة والسترة ; وهو يتحملها عن المأموم ، وليس هو من أهل التحمل ( أو يدغم ) في الفاتحة ( حرفا لا يدغم ) أي : في غير مثله ، وغير ما يقاربه في المخرج ; وهو الأرت ، وفي " المذهب " : هو الذي في لسانه عجلة تسقط بعض الحروف ( أو يبدل حرفا ) بغيره ; وهو الألثغ كمن يبدل الراء غينا ( أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى ) ككسر كاف ( إياك ) وضم تاء ( أنعمت ) وفتح همزة ( اهدنا ) في الأصح فيها . وظاهره : إذا لم يحل المعنى كفتح دال ( نعبد ) ونون ( نستعين ) لا يكون أميا ، وصرح به جماعة ; لأن المعنى المقصود حاصل ، وعنه : تصح في ذلك كله ، حكاها الآمدي ، وابن تميم ، وتأولها القاضي ، وقيل : إن لم يكثر ، وقيل : في نفل ، وظاهر ما ذكره المؤلف أنها لا تصح ، سواء علم المأمومون بحاله أو جهلوه ، فإن علموا كونه أميا لما سلم ، فوجهان ، وإن بطلت صلاة قارئ خلف أمي بطل فرض القارئ في ظاهر كلامه . ثم هل تبقى نفلا فتصح صلاة الكل ، أو لا تبقى فتبطل ، أو الإمام ؛ فيه أوجه ( إلا بمثله ) في الأصح ; لأنه يساويه ، فصحت إمامته كالعاجز عن القيام .

تنبيه : لا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول بعاجز عن نصفها الأخير ، ولا عكسه ، ولا اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بالعاجز عنها ، فإن لم يحسنها [ ص: 77 ] وأحسن بقدرها من القرآن ، لم يجز أن يأتم بمن لا يحسن شيئا من القرآن ، وجوزه المؤلف ، قال ابن تميم : وفيه نظر ، وإن صلى خلف من يحسن دون السبع فوجهان .

فائدة : إذا شك قارئ في صلاة سر هل إمامه أمي صحت عملا بالظاهر ، فإن أسر في صلاة جهر فوجهان ، فإن أخبر أنه قرأ فلا إعادة عليهما ; لأن الظاهر صدقه ، وتستحب الإعادة ، ذكره في " الشرح " . ( وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته ) ولا صلاة من ائتم به ; لأنه ترك ركنا مع القدرة على الإتيان به ، أشبه تارك الركوع والسجود .

التالي السابق


الخدمات العلمية