صفحة جزء
وإذا كان المأموم يرى من وراء الإمام ، صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف ، وإن لم ير من وراءه لم تصح . وعنه : تصح إذا كانا في المسجد . ولا يكون الإمام أعلى من المأموم ، فإن فعل وكان كثيرا ، فهل تصح صلاته ؛ على وجهين .


( وإذا كان المأموم يرى ) الإمام أو ( من وراء الإمام صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف ) جزم به الخرقي ، والمؤلف في " الكافي " ، و " نهاية " أبي العالي ; لأنه أمكنه الاقتداء بإمامه من غير خلل ، فوجب أن يصح ، لانتفاء عدم الرؤية وعدم الاتصال المفسدين لها ، وكما لو صلى في الصف الأول ، ويرجع فيه إلى العرف ، وفي " التلخيص " ، و " الرعاية " أو ثلاثة أذرع ، لظاهر الأمر بالدنو من الإمام إلا ما خصه الدليل ، وفسره في " المغني " ببعد غير معتاد ، ولا يمنع الاقتداء ، ومعناه في " الشرح " " والمذهب " على أنه لا يعتبر اتصال الصفوف في المسجد ، قال أبو الحسن الآمدي : لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد ، وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به ، وإن لم تتصل الصفوف ; لأن المسجد بني للجماعة ، فكل من حصل في محل الجماعة ، بخلاف خارج المسجد ، فإنه ليس معدا للاجتماع فيه ، فلذلك اشترط الاتصال فيه ( وإن لم ير من وراءه لم تصح ) قدمه ابن تميم [ ص: 90 ] وهو ظاهر كلامه ، وصرح به في الخلاصة لقول عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها : لا تصلين بصلاة الإمام ، فإنكن دونه في حجاب . فعللت النهي بالحجاب ; وهو موجود هنا ، ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب ، كما لو لم يسمع التكبير ( وعنه تصح إذا كانا في المسجد ) أي : إذا صلى في المسجد بسماع التكبير فيه ، ولم ير إمامه ، ولا بعض من معه ، صح ، صححه ابن عقيل ، وفي " الكافي " ، وقدمه في " المحرر " ، و " الرعاية " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " لأنهم في موضع الجماعة ، ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير ، أشبه المشاهدة ، وعنه : في النفل ، وعنه ، والفرض مطلقا لظلمة وضرر ، فيدخل فيه الجمعة . وقيل : تصح فيها رواية واحدة .

تتمات : إذا اقتدى به خارج المسجد وهو يراه ، أو من خلفه في بعض الصلاة صح ، جزم به أبو الحسين ، وذكره المجد الصحيح في " المذهب " ، ولو جاوز ثلاثمائة ذراع ، أو كانت جمعة في دار ودكان ، واعتبر جماعة اتصال الصفوف عرفا ، فإن كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق ، ولم تتصل الصفوف ، إن صحت الصلاة فيه ، لم يمنع الاقتداء في رواية ، اختاره المؤلف وغيره ، لعدم النص في ذلك والإجماع ، وقال صاحب " المحرر " : هو القياس ترك للآثار ، قال في " الكافي " : إلا أن يكون ذلك عريضا يمنع الاتصال ، وعنه : يمنع ، اختاره الأكثر للآثار ، ومثله : إذا كان بسفينة ، وإمامه في أخرى ; لأن الماء طريق ، وليست الصفوف متصلة ، والمراد في غير شدة الخوف كما ذكره القاضي وغيره . وألحق الآمدي بالنهي [ ص: 91 ] النار والبئر ، وقيل : والسبع ، وإن كان بينهما حائل يمنع الرؤية ، لكن يسمع التكبير ، فالخلاف .

( ولا يكون الإمام أعلى من المأموم ) وذلك مكروه ، وذكره جماعة ; وهو ظاهر المذهب ; لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم وروى الدارقطني معناه بإسناد حسن ، وقال ابن مسعود لحذيفة : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؛ قال : بلى ، رواه الشافعي بإسناد ثقات ، وظاهره : لا فرق بين أن يقصد تعليمهم أم لا ، وعنه : لا يكره ، وعنه : إن أراد التعليم لحديث سهل أنه عليه السلام صلى على المنبر ، ثم نزل القهقرى فسجد ، وسجد معه الناس ، ثم عاد حتى فرغ ، ثم قال : إنما فعلت هذا لتأتموا ، ولتعلموا صلاتي متفق عليه . والظاهر : أنه علو يسير ; لأنه كان على الدرجة السفلى ، جمعا بينه وبين ما سبق ، وقيل : يجوز له خاصة ( فإن فعل وكان كثيرا ) وهو ذراع عند القاضي ، وقدره أبو المعالي مقدار قامة المأموم لحاجته إلى رفع رأسه إليه ; وهو منهي عنه ( فهل تصح صلاته ) أي : الإمام ( على وجهين ) المذهب صحتها لفعل حذيفة وعمار ، رواه أبو داود ، والثاني : لا تصح ، قاله ابن حامد ، وصححه ابن عقيل للنهي ، فعلى هذا إن ساواه بعضهم صحت صلاته وصلاتهم في الأصح ، زاد بعضهم : بلا كراهة ، وفي النازلين إذن الخلاف ، ولا بأس بعلو المأموم ، نص عليه ، ولا يعيد الجمعة من يصليها فوق سطح المسجد ، روي عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام . رواه الشافعي ، ورواه سعيد عن أنس ولأنه يمكنه الاقتداء به ، أشبه المتساويين ، وقيدها في " الكافي " إذا اتصلت الصفوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية