صفحة جزء
ويمسح أعلى الخف دون أسفله ، وعقبه ، فيضع يده على الأصابع ، ثم يمسح إلى ساقه .


( ويمسح أعلى الخف ) هذا هو السنة ، ويجزئ الاقتصار عليه بغير خلاف ( دون أسفله ، وعقبه ) أي : لا يسن مسحهما مع أعلى الخف ، وهذا هو المنصوص ، وعليه أكثر الأصحاب : لما روي عن علي رضي الله عنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه رواه أحمد ، وأبو داود ، قال الحافظ عبد الغني : إسناد صحيح ، فبين أن الرأي وإن اقتضى مسح أسفله إلا أن السنة أحق أن تتبع ، لأن أسفله مظنة ملاقاة النجاسة ، وكثرة الوسخ ، فمسحه يفضي إلى تلويث اليد من غير فائدة ، وقيل : يسن ، وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى ، لأنه عليه السلام مسح أعلى الخف ، وأسفله رواه أحمد ، [ ص: 148 ] وقال : روي هذا من وجه ضعيف ، والترمذي ، وقال : معلول ، وسألت أبا زرعة ، ومحمدا عن هذا الحديث فقالا : ليس بصحيح ، أما لو مسحهما مع أعلاه أجزأه ، لأنه أتى بالمقصود وزيادة ، وقيل : هو أفضل ، ولا يجزئ الاقتصار عليهما وجها واحدا ، لأنه عليه السلام إنما مسح ظاهر خفيه ، وعلم منه أنه لا يجب استيعاب الخف بالمسح بل الواجب مسح أكثر أعلاه أي : أكثر ظهر القدم ، وقيل : قدر الناصية من الرأس ، وقيل : هو المذهب ، وقيل : يجب جميعه ، لأنه بدل عن مغسول ( فيضع يده ) معوجة الأصابع ، ويستحب تفريجها ( على الأصابع ) أي : على أطراف أصابع رجليه ( ثم يمسح إلى ساقه ) هذا صفة المسح المسنون ، وقاله ابن عقيل وغيره ، اليمنى باليمنى ، واليسرى باليسرى ، قال في " البلغة " : ويقدم اليمنى ، وقد روى البيهقي في سننه عن المغيرة بن شعبة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه ، وضع يده اليمنى على خفه الأيمن ، ويده اليسرى على خفه الأيسر ، ثم مسح إلى أعلاه مسحة واحدة فليس فيه تقدم ، فلو مسح من ساقه إلى أسفل جاز ، قال أحمد : كيفما فعلت فهو جائز ، نعم لو مسحه بخرقة ، أو خشبة ، أو أصبع ، أو غسله ، ففيه خلاف سبق ، وظاهره أنه لا يستحب تكرار المسح ، وهو كذلك ، لقوله مسحة واحدة ، لأنه يوهنه ويخلقه من غير فائدة ، بل قال ابن تميم وغيره : يكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية