صفحة جزء
[ ص: 140 ] باب صلاة الجمعة وهي واجبة . على كل مسلم مكلف ذكر حر مستوطن ببناء . ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ تقريبا إذا لم يكن له عذر .


باب صلاة الجمعة

وهي بتثليث الميم ، حكاه ابن سيده ، والأصل الضم ، واشتقاقها من اجتماع الناس للصلاة ، وقيل : لجمعها الجماعات ، وقيل : لجمع طين آدم فيها ، وقيل : لأن آدم جمع فيها خلقه ، رواه أحمد من حديث أبي هريرة ، وقيل : لأنه جمع مع حواء في الأرض فيها ، وفيه خبر مرفوع ، وقيل : لما جمع فيها من الخير . قيل : أول من سماه يوم الجمعة كعب بن لؤي ، واسمه القديم يوم العروبة ; وهو أفضل أيام الأسبوع .

( وهي واجبة ) بالإجماع ، وسنده قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع [ الجمعة : 9 ] والسعي الواجب لا يجب إلا إلى واجب ، والمراد به الذهاب إليها لا الإسراع ، وبالسنة : فمنها قول ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ، وقال أبو هريرة ، وابن عمر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين رواهما مسلم ; وهي صلاة مستقلة بنفسها ، لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ، ولجوازها قبل الزوال [ ص: 141 ] لا أكثر من ركعتين ، قال أبو يعلى الصغير وغيره : ولا تجمع في محل يبيح الجمع ، وعنه : ظهر مقصورة ، وفي " الانتصار " ، " والواضح " هي الأصل ، والظهر بدل ، زاد بعضهم : رخصة في حق من فاتته ; وهي أفضل من الظهر ( على كل مسلم مكلف ) لأن الإسلام والعقل شرطان للتكليف وصحة العباد ، فلا تجب على مجنون إجماعا ، ولا على صبي في الصحيح من المذهب ، لما روى طارق بن شهاب مرفوعا الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض رواه أبو داود ، وقال : طارق قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه شيئا ، وإسناده ثقات ، ولأن البلوغ من شرائط التكليف بالفروع ، وعنه : يجب على مميز ، ذكرها في " المذهب " ، و " الشرح " ، وزاد : بناء على تكليفه ، وذكر السامري : إن لزمت المكتوبة صبيا لزمته ، وقيل : لا ، واختاره المجد ، وقال : هو الإجماع للخبر ( ذكر ) ذكره ابن المنذر إجماعا ; لأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال ، وفي " نهاية " الأزجي رواية أنها تلزمها ( حر ) هو المشهور ; وهو قول أكثرهم ، ولأن العبد مملوك المنفعة محبوس على سيده ، أشبه المحبوس بالدين ، وعنه : يلزمه ، اختاره أبو بكر لعموم الآية ، وقياسا على الظهر ، فيستحب أن يستأذن سيده ، ويحرم منعه ومخالفته ، قال المؤلف : لا يذهب إليها من غير إذن ، وعنه : يلزمهم بإذن سيد ، ومقتضاه : لا تجب على المعتق بعضه ، وقيل : يلزمه في نوبته ; وهو ظاهر ، والمدبر والمعلق عتقه بصفة ، كالقن ، لبقاء الرق ، وتعلق حق السيد ( مستوطن ببناء ) معتاد ، ولو كان فراسخ ، نقله الجماعة . من حجر أو [ ص: 142 ] قصب ونحوه ، متصلا أو متفرقا ، يشمله اسم واحد ، لا يرتحل عنه شتاء ولا صيفا ( ليس بينه وبين موضع الجمعة ) إذا كان خارجا عن المصر ( أكثر من فرسخ ) نص عليه ( تقريبا ) عن مكان الجمعة ، وعنه : عن أطراف البلد ، وعنه : الاعتبار بسماع النداء ; لقوله عليه السلام الجمعة على من سمع النداء رواه أبو داود ، وقال : إنما أسنده قبيصة قال البيهقي : هو من الثقات قال في " الشرح " : الأشبه أنه من كلام عبد الله بن عمرو ورواه الدارقطني ، ولفظه : إنما الجمعة على من سمع النداء ، والعبرة بسماعه من المنارة لا بين يدي الإمام ، نص عليه ، زاد بعضهم : غالبا من مكانها ، أو من أطراف البلد ، وعنه : يجب على من يقدر على الذهاب إليها ، والعود إلى أهله في يومه ، روي عن أنس ، والحسن ، والأول المذهب ، لظاهر الآية ، ولأنهم من أهل الجمعة ، يسمعون النداء كالمصر ، واعتبار سماع النداء غير ممكن ; لأنه يكون فيهم الأصم ، وقد يكون بين يدي الإمام ، فيختص بسماعه أهل المسجد ، فاعتبر بمظنته ، والموضع الذي يسمع فيه النداء غالبا إذا كان المؤذن صيتا ، والرياح ساكنة ، والأصوات هادئة ، والعوارض منتفية ، هو فرسخ فلو سمعته قرية من فوق فرسخ لعلو مكانها ، أو لم يسمعه من دونه لجبل حائل أو انخفاضها ، فعلى الخلاف ، وحيث لزمهم ، لم تنعقد بهم لئلا يصير التابع أصلا ، وأما إذا كان في البلد فيجب عليه السعي إليها ، قرب أو بعد ، سمع النداء أو لم يسمعه ; لأن البلد كالشيء الواحد ( إذا لم يكن له عذر ) من مرض ، ونحوه ; لأنه معذور .

التالي السابق


الخدمات العلمية