صفحة جزء
ولا تجب على مسافر . ولا عبد ولا امرأة ولا خنثى ، ومن حضرها منهم أجزأته ، ولم تنعقد به ، ولم يجز أن يؤم فيها . ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه ، وانعقدت به ، ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام ، لم تصح صلاته . والأفضل لمن لا تجب عليه ألا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام ، وعنه : في العبد أنها تجب عليه .


( ولا تجب على المسافر ) له القصر ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأصحابه كانوا [ ص: 143 ] يسافرون في الحج وغيره ، فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير ، وكما لا يلزمه بنفسه لا يلزمه بغيره ، نص عليه ، لكن إن كان عاصيا بسفره لزمته .

وذكر ابن تميم : إن حضر مكانها ، فإن كان سفره دون مسافة القصر وجبت عليه بغيره لا بنفسه ، فإن أقام ما يمنع القصر ، ولم ينو استيطانا ، لزمته في الأشهر لعموم الآية والأخبار ، ولم تنعقد به لعدم الاستيطان ، وفي إمامته فيها وجهان ، وعنه : لا تلزمه ، جزم به في " التلخيص " ; وهو ظاهر كلامه هنا ، وفي " الكافي " ; لأن الاستيطان من شرائط الوجوب ، قال إبراهيم : كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر ، وبسجستان لا يجمعون ولا يشرقون . رواه سعيد .

فرع : لا جمعة بمنى كعرفة ، نص عليه ، نقل يعقوب : ليس بينهما جمعة ، إنما يصلي الظهر ولا يجهر ، وقيل : ولا يوم التروية ( ولا عبد ، ولا امرأة ) لما ذكرناه ( ولا خنثى ) لأنه لا يعلم كونه رجلا ، لكن يشكل عليه بأنه إذا قيل : إنها فرض الوقت ، والظهر بدل عنها ( ومن حضرها منهم ) أي : من هؤلاء ( أجزأته ) لأن إسقاط الجمعة عنهم تخفيفا ، فإذا حضرها أجزأت ، كالمريض ( ولم تنعقد به ) لأنه ليس من أهل الوجوب ، وإنما يصح منهم الجمعة تبعا لمن انعقدت به ، فلو انعقدت بهم لانعقدت بهم متفرقين كالأحرار المقيمين ( ولم يجز أن يؤم فيها ) لئلا يصير التابع متبوعا ; وهو في المرأة اتفاق ، وكذا مسافر له القصر ، وقيل : تلزمه تبعا للمقيمين ، قاله الشيخ تقي الدين ، وحكاه بعضهم رواية : تلزمه بحضورها في وقتها ما لم ينضر بالانتظار ، وتنعقد به ، ويؤم فيها كمن سقطت عنه تخفيفا لعذر مرض وخوف ونحوهما لزوال ضرره ، فهو كمسافر [ ص: 144 ] يقدم ، وإن قلنا : عبدا وصبيا صحت إمامتهما ، وانعقدت بهما ، وصححه في " الفروع " في العبد ، وقال القاضي في " المجرد " : لا تصح إمامة الصبي فيها ، ولو وجبت عليه ( وعنه : في العبد أنها تجب عليه ) اختارها أبو بكر لعموم الآية ، وقياسا على الظهر ، فيستحب أن يستأذن سيده ، ويحرم منعه ومخالفته ، قال المؤلف : لا يذهب إليها من غير إذن ، وعنه : تلزم بإذن سيد .

تنبيه : من لم تجب عليه لمرض أو سفر ، أو اختلف في وجوبها كعبد ، فهي أفضل في حقه ، ذكره ابن عقيل ، وللمرأة حضورها ، وقيل : يكره للشابة فقط ، وقيل : لا يجوز .

( ومن سقطت عنه لعذر ) كمرض ، وخوف ( إذا حضرها ، وجبت عليه ، وانعقدت به ) وأم فيها ; لأن سقوطها لمشقة السعي ، فإذا تحمل ، وحضرها انتفت المشقة ، ووجبت عليه ، وانعقدت به كالصحيح ( ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة ) أي : ممن تلزمه ( قبل صلاة الإمام ، لم تصح صلاته ) ذكره الأصحاب ; لأنه صلى ما لم يخاطب به ، وترك ما خوطب به ، فلم تصح ، كما لو صلى العصر مكان الظهر ، وكشكه في دخول الوقت ، لأنها فرض الوقت ، فعلى هذا يعيدها ظهرا إذا تعذرت الجمعة ، ثم إن ظن أنه يدرك الجمعة سعى إليها لأنها المفروضة في حقه ، وإلا انتظر حتى يتيقن أن الإمام صلى ، ثم يصلي الظهر ، وقيل : إن أمكنه إدراكها ، وإلا صحت ظهره . وحكى أبو إسحاق بن شاقلا وجها : أن فرض الوقت الظهر ، فتصح مطلقا ، ولا تبطل بالسعي إلى [ ص: 145 ] الجمعة ، وكذا إذا صلى الظهر شاكا هل صلى الإمام الجمعة ، أو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة لم يصح في الأشهر ، ويعيدونها إذا فاتت الجمعة ، لكن يستثنى على الأول ما لو أخر الإمام الجمعة تأخيرا منكرا ، فللغير أن يصلي ظهرا ، ويجزئه عن فرضه ، جزم به المجد ، وجعله ظاهر كلامه ، لخبر تأخير الأمراء الصلاة عن وقتها .

( والأفضل لمن لا تجب عليه ) كالمسافر ، والمريض ( أن لا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام ) ذكره جماعة منهم صاحب " الوجيز " ; لأنه ربما زال عذره فلزمته الجمعة ، لكن يستثنى من ذلك من دام عذره كامرأة وخنثى ، فالتقدم في حقهما أفضل ، ولعله مراد من أطلق ، وظاهره أنهم إذا صلوا قبل الإمام أنها صحيحة على الأصح ، وهو قول عامتهم ، لأنهم أدوا فرض الوقت ، ولو زال عذره لم تلزمه الجمعة ، كالمعضوب إذا حج عنه ، ثم برئ ، وقيل : بلى ; وهو رواية في " الترغيب " كصبي بلغ في الأشهر ، وقيل : إن زال عذره ، والإمام في الجمعة لزمته ، وقيل : إن عوفي المريض بين الإحرام والسلام أعادها ، وفي زوال عذر غيره وجهان ، والثانية : لا تصح قبل الإمام ، اختاره أبو بكر ، كمن تجب عليه ، وعلى الأولى : لو صلاها ثم حضر الجمعة كانت له نفلا ; لأن الأولى أسقطت الفرض ، وقيل : بل فرضا .

مسألة : لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن من أهل فرضها الصلاة جماعة في المصر ، لحديث فضل صلاة الجماعة ، وفعله ابن مسعود ، واحتج به أحمد . زاد السامري وغيره : على الأول بأذان وإقامة ، وفي كراهتها في مكانها وجهان ، [ ص: 146 ] ومن خاف فتنة أو ضررا صلى حيث يأمن ذلك ، ونقل الأثرم : لا يصلي فوق ثلاثة جماعة ، ذكره ابن عقيل تبعا لشيخه ، ومن لزمته الجمعة فتركها بلا عذر تصدق بدينار أو بنصفه للخبر ، ولا يجب ، قاله في " الفروع " .

التالي السابق


الخدمات العلمية