صفحة جزء
وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة ولا تجوز مع عدمها فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة . فإن استوتا فالثانية باطلة فإن وقعتا معا أو جهلت الأولى بطلتا معا


( ويجوز إقامة الجمعة في موضعين ) فأكثر ( من البلد للحاجة ) كسعة البلد ، وتباعد أقطاره ، أو بعد الجامع أو ضيقه أو خوف فتنة ، ولأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا قال الطحاوي : وهو الصحيح من مذهبنا ، وعنه : لا يجوز ; لأنه ـ عليه السلام ـ ، وأصحابه لم يقيموها في أكثر من موضع واحد ، والأول أصح ، والجواب لعدم حاجتهم إلى أكثر ، ولأن الصحابة كانوا يؤثرون بسماع خطبته وشهود جمعته ، وإن بعدت منازلهم ، وظاهره إذا استغنى بجمعتين لم تجز الثالثة ( ولا تجوز مع عدمها ) لا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء ( فإن فعلوا ) أي : فعلوها في موضعين من غير حاجة ( فجمعة الإمام هي الصحيحة ) لأن في تصحيح غيرها افتئاتا عليه ، وتفويتا لجمعته ، وظاهره ولو تأخرت ; وهو ظاهر كلام جماعة ، وذكر ابن حمدان أنه أولى ، وسواء قلنا : إذنه شرط أو لا ، وقيل : السابقة هي الصحيحة ، [ ص: 167 ] لأنها لم يتقدمها ما يفسدها ( فإن استوتا ) في الإذن وعدمه ( فالثانية باطلة ) لأن الاستغناء حصل بالأولى ، فأنيط الحكم بها لكونها سابقة ، ويعتبر السبق بالإحرام ، وقيل : بالشروع في الخطبة ، وقيل : بالسلام ، وظاهره ، ولو كانت إحداهما في المسجد الأعظم أو قصبة البلد في وجه ، وفي الآخر : تصح الواقعة فيها ، ولو كانت الثانية ، وصححه بعضهم ; لأن لهذه المعاني مزية فقدم بها كجمعة الإمام ( فإن وقعتا معا ) ولا مزية لإحداهما بطلتا ; لأنه لا يمكن تصحيحهما ، ولا تعيين إحداهما بالصحة ، أشبه ما لو جمع بين أختين ، وتلزمهم الجمعة إن أمكن ; لأنه مصر لم يصل فيه جمعة صحيحة ، فإن سبقت إحداهما وعلمت ، بطلت الثانية ، ولزم أهلها الظهر ، فإن علموا بذلك في أثنائها استأنفوا ظهرا ، صححه المؤلف ; لأن ما مضى لم يكن فعله جائزا بخلاف المسبوق ، وجزم القاضي وغيره ، وقدمه في " الرعاية " يتمونها ظهرا ( أو جهلت الأولى بطلتا معا ) لما ذكرناه ، وكذا إذا جهل الحال هل وقعتا معا أو في وقتين ، فهل يصلون ظهرا كما ذكره في " الشرح " أنه الأولى ، وقدمه في " الشرح " للشك في شرط إقامة الجمعة ، أو جمعة لأنا لا نعلم المانع من صحتها ، والأصل عدمه ؛ فيه وجهان ، قال ابن تميم : الأشبه أنهم يعيدون جمعة أي : بشرطها .

التالي السابق


الخدمات العلمية