صفحة جزء
ولا يجوز الكلام والإمام يخطب . إلا له ، أو لمن كلمه ، ويجوز الكلام قبل الخطبة ، وبعدها ، وعنه : يجوز فيها .


( ولا يجوز الكلام والإمام يخطب ) قدمه في " المحرر " ، وجزم به في " الوجيز " ، ونصره المؤلف ، وصححه في " التلخيص " ; لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا [ الأعراف : 204 ] ولقوله ـ عليه السلام ـ من قال : صه ، فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له رواه أحمد ، وأبو داود ، ولقوله ـ عليه السلام ـ في خبر ابن عباس : والذي يقول : انصت ليس له جمعة رواه أحمد من رواية مجالد ، ولقوله ـ عليه السلام ـ لأبي الدرداء إذا سمعت إمامك يتكلم فانصت حتى يفرغ رواه أحمد ، وظاهره : لا فرق بين القريب والبعيد ، سمع الخطبة [ ص: 176 ] أو لا ، وقيل : وحالة الدعاء المشروع ، وعنه : يحرم على سامع ، اختاره القاضي وجمع ، وعنه : يكره مطلقا ، وعنه : يجوز ، فعلى الأول يباح ما يحتاج إليه كتحذير ضرير ونحوه ; لأنه يجوز في الصلاة ، وتشميت عاطس ، ورد السلام نطقا كإشارته به ; لأنه مأمور به لحق آدمي ، أشبه الضرير ، فدل على أنه يجب ، والثاني : يمنع من ذلك نطقا ; وهو ظاهر كلامه ; لأنه مأمور بالإنصات ، ويصلي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا ذكر كالدعاء اتفاقا ، والأفضل لمن لا يسمع أن يشتغل بذكر الله خفية ، وقيل : بل سكوته أفضل ، فيسجد لتلاوة ، وفي " الفصول " إن بعد ، ولم يسمع همهمة الإمام جاز أن يقرأ ، وأن يذاكر في الفقه ، ولمن يسمع تسكيت المتكلم إشارة ، نص عليه ، وإشارة أخرس مفهمة ككلامه ( إلا له أو لمن كلمه ) كذا أطلقه جماعة ، وقيده في " المحرر " ، و " الفروع " لمصلحة ; لأنه ـ عليه السلام ـ كلم سليكا ، وكلمه هو رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة ، وسأل عمر عثمان فأجابه ، وسأل العباس بن مرداس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاستسقاء ، وعنه : يكرهان ، ولا منع ، كأمر إمام بمعروف ( ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها ) كراهة ، لما روى مالك والشافعي بإسناد جيد عن ثعلبة بن مالك قال : كانوا يتحدثون يوم الجمعة ، وعمر جالس على المنبر ، فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد ، حتى يقضي الخطبتين . وقيل : يكره ، وعنه : يجوز فيها ، فبالقياس على الإمام ، وعلى من كلمه ، ولم يتعرض المؤلف للكلام بين الخطبتين ، وفيه أوجه : الجواز والكراهة والتحريم ، وجعل الشيخان أصل التحريم سكوته لتنفس .

مسائل : الأولى ليس له أن يتصدق على سائل وقت الخطبة ، ولا يناوله [ ص: 177 ] إذن للإعانة على محرم ، وإلا جاز ، نص عليه ، وفي " الرعاية " يكره ، فإن كانت المسألة قبلها ثم جلس لها جاز ، كالصدقة على من لم يسأل أو سأل الإمام الصدقة لإنسان ، وقيل : يكره السؤال والتصدق في المسجد ، جزم به في " الفصول " ، وظاهر كلام ابن بطة : يحرم السؤال ، وقاله في إنشاد الضالة ، وهذا مثله ، وأولى .

الثانية : يكره العبث والشرب حال الخطبة [ إن سمعها ] وإلا جاز ، نص عليه ، قيل : لا بأس بالشراب إذا اشتد عطشه ، وجزم أبو المعالي بأنه إذن أولى ، وقال في " الفصول " : وكره جماعة شربه بعد الأذان بقطعه ; لأنه بيع منهي عنه ، وكذا شربه على أن يعطيه الثمن بعد الصلاة ; لأنه بيع ، ويتخرج الجواز للحاجة دفعا للضرر ، وتحصيلا لاستماع الخطبة .

الثالثة : يستحب لمن صلى الجمعة أن ينتظر صلاة العصر ، فيصليها في موضعه ، ذكره في " الفصول " ، و " المستوعب " ، ولم يذكره الأكثر ، ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة ; لقوله ـ عليه السلام ـ إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها وذكر الشيخان وجماعة جلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها ، لا في بقية الصلوات ، نص عليه ، لكن اقتصر على الفجر لفعله ـ عليه السلام ـ رواه مسلم عن جابر بن سمرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية