صفحة جزء
ويمسح على جميع الجبيرة إذا لم يتجاوز قدر الحاجة ، ومتى ظهر قدم الماسح ، أو رأسه ، أو انقضت مدته ، استأنف الطهارة ، وعنه : يجزئه مسح رأسه ، وغسل قدميه ، ولا مدخل لحائل في الطهارة الكبرى إلا الجبيرة .


( ويسمح على جميع الجبيرة ) سواء كانت على كسر أو جرح ، نص عليه لحديث صاحب الشجة ، لأنه يشق المسح عليها كلها بخلاف الخف ، وهو مسح للضرر ، أشبه التيمم ، هذا إذا كانت في محل الفرض ، فإن كان بعضها في غير محله غسل ما حاذى محل الفرض ، نص عليه ، وظاهره يقتضي استيعابها بالمسح ، وأنه لا إعادة عليه ، لأنها طهارة عذر فأسقطت الفرض كالتيمم .

وذكر ابن أبي موسى ، وابن عبدوس ثانية بوجوب الإعادة ، لكنهم بنوها على ما إذا لم يتطهر لها ، وقلنا بالاشتراط ، فظاهره أنه يكتفي بالمسح وحده ، وهو المشهور ، لأنه مسح على حائل ، فأجزأ من غير تيمم ، كمسح الخف ، بل أولى ، إذ صاحب الضرورة أحق بالتخفيف ، والثانية : يتيمم معه لظاهر قصة صاحب الشجة ، وضعف بأنه يحتمل أن " الواو " فيه بمعنى " أو " ، ويحتمل أن التيمم فيه لشد العصابة على غير طهارة ( إذا لم يتجاوز ) بشدها ( قدر الحاجة ) لأنه موضع حاجة ، فتقيد بقدرها ، واقتضى أنه إذا تجاوز بشدها إلى موضع لم تجر العادة به أنه لا يجزئه المسح ، وهو كذلك ، لأنه يكون تاركا لغسل ما يمكنه غسله من غير ضرر ، فعلى هذا ينزعها ، فإن خاف التلف به سقط ، وكذا إن خاف الضرر على المشهور ، فيمسح قدر الحاجة ، ويتيمم للزائد ، ولم يجزئه مسحه على المذهب ، لعدم الحاجة إليه ، وفيه وجه يجزئه المسح على الزائد ، اختاره الخلال [ ص: 152 ] وغيره ، لأنه قد صارت ضرورة إلى المسح عليه ، أشبه موضع الكسر ، وفي ثالث : يجمع في الزائد بينهما ، ونقل الميموني ، والمروذي ، عن أحمد : أنه لا بأس بالمسح على العصائب كيف شدها ، لأن هذا لا ينضبط ، وهو شديد جدا ، والأول : أولى ، وأصح إن شاء الله تعالى .

مسألة : تفارق الجبيرة الخف من أوجه .

الأول : أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند التضرر بنزعها .

الثاني : أنه يجب استيعابها .

الثالث : أن المسح عليها مقيد بالحل أو البرء .

الرابع : أنه يمسح عليها في الكبرى .

الخامس : أنه لا يشترط لها تقدم طهارة في رواية .

السادس : أنها تجوز من خرق ونحوه ، وأنها لو كانت من حرير ونحوه ، جاز المسح عليها على رواية صحة الصلاة .

السابع : أن مسحها عزيمة ، والخف بخلاف ذلك كله ، وتقدم أوجه أخر .

( ومتى ظهر قدم الماسح ) بطلت طهارته في المشهور ، لأن المسح أقيم مقام الغسل ، فإذا زال بطلت الطهارة في القدمين ، فيبطل في جميعها ، لكونها لا تتبعض ، وحكم انكشاف بعض القدم من خرق حكم ظهوره كله ، فلو أخرج [ ص: 153 ] القدم ، قال المجد ، والجد : أو بعضه إلى ساق الخف فهو كخلعه ، نص عليه ، لأنه لا يمكنه المشي فيه ، وعنه : إن جاوز العقب أثر ، وإلا فلا ، وعنه : لا ، وعنه : لا يبعضه ، ونزع أحد الخفين كنزعهما ، لأنهما كخف واحد ، وقوله : الماسح يحترز به ما إذا غسل رجليه في الخف ، فإذا طهرت لم يلزمه شيء ، ويصلي به ما أراد ( أو ) ظهر ( رأسه بطلت أيضا قال في " المغني " : إلا أن يكون الكشف يسيرا فإنه لا يضر ، قال أحمد : إذا زالت عن رأسه فلا بأس به ما لم يفحش ، قال ابن عقيل وغيره : ما لم يرفعها بالكلية ، لأنه معتاد ، وظاهر " المستوعب " ، و " الوجيز " أنها تبطل بظهور شيء من رأسه ، وكذا إذا انتقضت بعد مسحها فإنها تبطل ، وفي بعضها روايتان ( أو انقضت مدته ) وهو متطهر ( استأنف الطهارة ) لما تقدم ( وعنه : يجزئه مسح رأسه ، وغسل قدميه ) لأنه أزال بدل غسلهما ، فأجزأه المبدل ، كالمتيمم يجد الماء ، وفي الأولى يغسل رجليه فقط ، وهذا مبني على اشتراط الموالاة كما جزم به ابن الزاغوني ، والمؤلف ، وبينا أن الخلع إذا كان عقب المسح كفاه غسل رجليه ، أو رفع الحدث ، كما جزم به أبو الحسين ، واختاره المجد ، وذكر أبو المعالي أنه الصحيح في المذهب عند المحققين ، ويرفعه في المنصوص وفاقا ، أو مبني على غسل كل عضو بنية . أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض ، وإن تبعضت في الثبوت ، كالصوم ، والصلاة اختاره في " الانتصار " ، ويتوجه : لا يلزمه شيء بل يصلي به .

[ ص: 154 ] فرع : إذا حدث ما تقدم ، وهو في الصلاة ، فظاهر كلامهم كما لو كان خارجها ، وبناه ابن عقيل على قدرة المتيمم على الماء .

( ولا مدخل لحائل في الطهارة الكبرى ) لحديث صفوان قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ( إلا الجبيرة ) لحديث جابر ، ولأن الضرر يلحق بنزعها بخلاف الخف ، فإذا زالت فكالخف ، وقيل : طهارته باقية قبل البرء ، واختاره الشيخ تقي الدين مطلقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية