صفحة جزء
ويسن تقديم الأضحى ، وتأخير الفطر ، والأكل في الفطر قبل الصلاة ، والإمساك في الأضحى حتى يصلي ، والغسل والتبكير إليها . بعد الصبح ماشيا على أحسن هيئة ، إلا المعتكف يخرج في ثياب اعتكافه ، أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة . وإذا غدا من طريق ، رجع في أخرى وهل من شرطها الاستيطان ، وإذن الإمام ، والعدد المشترط للجمعة ؛ على روايتين . وتسن في الصحراء . وتكره في الجامع إلا من عذر .


( ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر ) لما روى الشافعي مرسلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى ، وأخر الفطر ، وذكر الناس ولأنه يتسع بذلك وقت الأضحية ، ووقت إخراج صدقة الفطر ، ويكون تعجيل الأضحية بحيث يوافق من بمنى في ذبحهم ، نص عليه ( والأكل في الفطر قبل الصلاة ) لقول بريدة كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات رواه البخاري ، وزاد في رواية منقطعة ويأكلهن وترا وفي " شرح الهدية " أن الأكل فيه آكد من الإمساك في الأضحى ، والتوسعة على الأهل والصدقة ( والإمساك في الأضحى حتى يصلي ) لما تقدم ، فإن كان له أضحية استحب له أن يأكل من كبدها ; لأنه أسرع تناولا وهضما ، وإن لم يكن ، فإن شاء أكل قبل خروجه ، نص عليه ( الغسل ) وقد سبق ( والتبكير إليها ) للمأموم ليحصل له الدنو من [ ص: 180 ] الإمام ، وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه ( بعد الصبح ) أي : بعد صلاة الصبح ، قاله جماعة ، وذهب آخرون أنه بعد طلوع الشمس ، فعله رافع ، وينويه ، قاله ابن المنذر ( ماشيا ) لما روى الحارث عن علي قال : من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا . رواه الترمذي ، وقال : العمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وقال أبو المعالي : إن كان البلد ثغرا استحب الركوب وإظهار السلاح ، ويستثنى من كلامه من له ضرورة من مرض ونحوه ، فإنه يخرج راكبا كالعود لقول علي : ثم تركب إذا رجعت . رواه البيهقي ( على أحسن هيئة ) لما روى جابر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعتم ، ويلبس برده الأحمر في العيدين ، والجمعة رواه ابن عبد البر . وعن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه . رواه البيهقي بإسناد جيد ، ويكون مظهرا للتكبير ، وعنه : يظهر في الفطر فقط لا عكسه ( إلا المعتكف ) في العشر الأخر أو عشر ذي الحجة ( يخرج من ) معتكفه إلى المصلى ( في ثياب اعتكافه ) نص عليه ; لقوله ـ عليه السلام ـ ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته " لجمعته وعيده إلا المعتكف ، فإنه يخرج في ثياب اعتكافه واستحبه السلف ، وذكره ابن المنذر عن جماعة من العلماء ، ولأنه أثر العبادة ، فاستحب بقاؤه كالخلوق ، وعنه : ثياب جيدة ورثة سواء للمعتكف وغيره ، وقال القاضي في موضع : معتكف كغيره في زينة وطيب ونحوهما ( أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة ) لما روى أبو سعيد قال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة رواه مسلم ، ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر ، لابسا أجمل ثيابه ; لأنه منظور إليه من بين سائر الناس ، لكن [ ص: 181 ] إن كان معتكفا فظاهر كلامه خروجه في ثياب اعتكافه ، وقال ابن تميم وغيره : يسن للإمام التجمل والتنظف ، وإن كان معتكفا .

فرع : لا بأس بخروج النساء إلى العيد لكن لا يتطيبن ، ولا يلبسن ثوب شهرة أو زينة ، ولا يخالطن الرجال ; لقوله ـ عليه السلام ـ وليخرجن تفلات وعنه : يستحب ، اختاره ابن حامد والمجد للحديث الصحيح وفاقا للشافعي في غير ذوي الهيئات والمستحسنات ، وعنه : يكره ، وعنه : للشابة ، وعنه : لا يعجبني خروجهن في وقتنا ، لقول عائشة . متفق عليه . . ( وإذا غدا من طريق رجع في أخرى ) لما روى جابر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق رواه البخاري ، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة ، وعلته : لتشهد له الطريقان ، أو لمساواته لهما في التبرك بمروره بهم ، وسرورهم برؤيته ، أو ليتبرك الطريقان بوطئه عليهما ، أو لزيادة الأجر بالسلام على أهل الطريق الآخر ، أو لتحصل الصدقة على الفقراء من أهل الطريقين ، فينبغي طرده في غيرها ، قلنا : ويلزمه في الجمعة ، نقله ابن تميم ، وفي " شرح الهداية " أنه المنصوص ، لكن الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنى خاص ، فلا يلتحق به غيره ، وظاهره : ولا فرق بينهما ، وقيل : الأولى سلوك الأبعد في الخروج ، والأقرب في العود ، وصححه النووي ( وهل من شرطها ) أي : صحتها إذا ( الاستيطان ، وإذن الإمام ، والعدد المشترط للجمعة ؛ على روايتين ) وكذا في " المحرر " ، وأسقط [ ص: 182 ] الإذن " كالفروع " إحداهما : يشترط ذلك ، واختاره الأكثر ، فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة ; لأنها صلاة خطبة راتبة ، أشبهت الجمعة ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وافق العيد في حجته ، ولم يصل ، لكن إن فاتت قضيت تطوعا من كل أحد ، والثانية : لا ، قدمه وصححه جماعة ، وجزم في " الوجيز " فيفعلها المسافر ، والعبد ، والمرأة ، والمنفرد ; لأن أنسا كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام جمع أهله ، ومواليهم ، وأمر عبد الله مولاه فصلى بهم ركعتين . رواه سعيد ، وذكره البخاري في صحيحه ، وإنما لم يقمها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لاشتغاله عنها بالمناسك ، لأنها أهم لكونهما فرض عين ، وصلاة العيد سنة في حق المسافر ، وعلى الأولى يفعلونها تبعا ، قال في " الشرح " وغيره : إن صلوا بعد خطبة الإمام صلوا بغير خطبة لئلا يؤدي إلى تفريق الكلمة ، وصحح ابن الزاغوني : أنه يشترط الاستيطان ، وذكره ابن عقيل رواية واحدة قال : ويكتفى باستيطان أهل البادية إذا لم يعتبر العدد ، وإن قلنا باعتباره ، وكان في القرية أقل منهم ، وإلى جنبهم مصر أو قرية تقام فيه العيد لزمهم السعي مطلقا ; لأن العيد لا يتكرر إتيانه بخلاف الجمعة ، قال ابن تميم : وفيه نظر ، والصحيح أنه لا يشترط إذن الإمام كالجمعة .

( وتسن في الصحراء ) القرية عرفا ، نقل حنبل : الخروج إلى المصلى أفضل إلا ضعيفا أو مريضا ; لقول أبي سعيد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى متفق عليه ، وكذلك الخلفاء بعده ، ولأنه أوقع لهيبة الإسلام ، وأظهر لشعار الدين ، ولا مشقة في ذلك لعدم تكررها ، بخلاف الجمعة ، قال النووي : والعمل على هذا في معظم الأمصار ، وقال الشافعي : إن كان الجامع واسعا فهو أفضل كأهل مكة ، وجوابه بأنهم يحصلون بذلك معاينة [ ص: 183 ] الكعبة ، وذلك من أكبر شعار الدين ( وتكره في الجامع إلا من عذر ) وهو قول الأكثر لمخالفة فعله ـ عليه السلام ـ ، ومع العذر لا يكره ، روى أبو هريرة قال : أصابنا مطر في يوم العيد ، فصلى بنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المسجد رواه أبو داود ، وفيه لين ، وللمعنى : ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد ، نص عليه ، لفعل علي ، ويخطب لهم لتكميل حصول مقصودهم ، وإن تركوا فلا بأس ، قاله ابن تميم ، ولهم فعلها قبل الإمام وبعده ، وأيهما سبق سقط الفرض وجازت التضحية ، لكن قال ابن تميم : الأولى أن لا يتقدم صلاة الإمام . والمستخلف هل يصلي أربعا أو ركعتين ؛ فيه روايتان ، ولا يؤم فيها عبد كالجمعة في الأشهر

التالي السابق


الخدمات العلمية