صفحة جزء
ويسن التكبير في ليلتي العيدين ، وفي الأضحى يكبر عقيب كل فريضة في جماعة ، وعنه : أنه يكبر وإن كان وحده من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق . إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر . فإن نسي التكبير ، قضاه ما لم يحدث ، أو يخرج من المسجد ، وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان . وصفة التكبير شفعا : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .


[ ص: 191 ] ( ويسن التكبير في ليلتي العيدين ) خصوصا في الفطر ; وهو آكد من الأضحى ، نص عليه ، من غروب الشمس ; لقوله تعالى ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم [ البقرة : 185 ] قال أحمد : كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا ، ويجهر به في الخروج إلى المصلى فيهما في قول الأكثر ; وهو ممتد إلى فراغ الإمام من خطبته ; لأن شعار العيد لم ينقض ، فسن كما في حال الخروج ، وعنه : إلى خروج الإمام إلى الصلاة لفعل ابن عمر ، رواه الشافعي ، والدارقطني ، وعنه : إلى وصوله المصلى ; لأن التكبير في الخروج هو الذي اتفقت عليه الآثار ، وما بعده ليس فيه نص ولا إجماع ( وفي الأضحى ) يسن فيه المطلق في عشر ذي الحجة ، ولو لم ير بهيمة الأنعام ، ويرفع صوته ، قاله أحمد ، والمراد لغير أنثى ، وأيام العشر : الأيام المعلومات ، وأيام التشريق المعدودات ( يكبر عقيب كل فريضة في جماعة ) هذا هو المذهب ; لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده ، وقال ابن مسعود : إنما التكبير على من صلى في جماعة . رواه ابن المنذر ، ولأنه ذكر مختص بوقت العيد ، فاختص بالجماعة كالخطبة ، فيكبر الإمام إلى القبلة كغيره ، والأشهر يقبل على الناس ثم يكبر لفعله ـ عليه السلام ـ ، ولأنه أقرب إلى المحافظة ، وقيل : يخير ( وعنه : أنه يكبر ، وإن كان وحده ) قدمه في " التلخيص " ، وغيره للعموم ، ولأنه ذكر مشروع للمسبوق أشبه التسليمة الثانية ( من صلاة الفجر يوم عرفة إلى ) بعد صلاة ( العصر من آخر أيام التشريق ) لما روى جابر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا صلى الصبح يوم عرفة أقبل علينا فقال : الله أكبر ، ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق رواه الدارقطني [ ص: 192 ] من رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي ، وهما ضعيفان ، قيل لأحمد : بأي حديث تذهب في ذلك ؛ قال : بالإجماع : عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وابن مسعود ، ولأن الله تعالى أمر بالذكر في الأيام المعدودات ; وهي أيام يرمى فيها ، أشبهت يوم النحر ، وعنه : يكبر من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق ، وروي عن زيد بن ثابت ، والزهري ، وعنه : من ظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر آخر أيام التشريق ، روي عن عثمان ، رواه سعيد . قال النووي : القول الأول هو الراجح ، وعليه العمل في الأمصار ، وظاهر ما سبق أنه لا يكبر في الفطر عقب الفرائض لعدم نقله ، وفيه وجه ، وجزم به في " التلخيص " ولا عقب نافلة ، ولو صليت جماعة ( إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر ) إلى عصر آخر أيام التشريق ; لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية ، والجهر به مسنون إلا في حق النساء ، ويأتي به كالذكر عقب الصلاة ، وعنه : يكبر تبعا للرجال فقط ، وعنه : لا يكره كالأذان ، وحمله القاضي على الجهر ، والمسافر كالمقيم ، ولو لم يأتم بمقيم ، والمميز كالبالغ

فرع : إذا فاتته صلاة من أيام التشريق ، فقضاها فيها من عامه ، فكبر ، لأنها مفروضة فيه ، ووقت التكبير باق ، وإن قضاها في غيرها لم يكبر كالتلبية ، وفيه وجه : بلى كالدعاء ، وإن فاتته من غيرها ، فقضاها فيها ، كبر في رواية ، ذكره المؤلف ، وعنه : لا يكبر لبعد أيامها ; لأنه سنة فات وقتها .

فائدة : سميت أيام التشريق من تشريق اللحم ; وهو تقديده ، وقيل : [ ص: 193 ] من قولهم : أشرق ثبير ، وقيل : لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس ، وقيل : هو التكبير دبر الصلوات ، وأنكره أبو عبيد ( فإن نسي التكبير قضاه ) مكانه ويعود ، فيجلس من قام أو ذهب ; لأن فعله جالسا في مصلاه سنة ، فلا تترك مع إمكانها ، وقال جماعة : إن كبر ماشيا فلا بأس ، قال المؤلف : هو أقيس كسائر الأذكار ، وظاهره أنه يأتي به ، ولو طال الفصل ، والمذهب يكره ( ما لم يحدث ) لأنه مبطل للصلاة ، والذكر تابع لها بطريق الأولى ( أو يخرج من المسجد ) لأنه سنة فات محلها ، وقيل : أو يتكلم ; لأنه شرع عقيبها ، فنافاه ما ينافيها ، والوجه الثاني يأتي به كالتلبية والدعاء ، وأطلقهما في " الفروع " ( فإن نسيه الإمام كبر المأموم ليحرز الفضيلة ، بخلاف سجود السهو ; لأنه من الصلاة ، ففي الانفراد به ترك المتابعة ، وإذا سلم وعليه سجود سهو أتى به ثم كبر ; لأنه من تمام الصلاة .

تنبيه : فإن اجتمع عليه تلبية وتكبير ، فإن لم يرم جمرة العقبة حتى صلى الظهر يوم النحر كبر ثم لبى ، نص عليه ; لأن التكبير مشروع مثله في الصلاة ، فكان أشبه بها ، والمسبوق ببعض الصلاة يقضي ما فاته ثم يكبر ، نص عليه ، كالذكر والدعاء .

( وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان ) أحدهما : لا يكبر ، وقال أبو الخطاب : هو ظاهر كلام أحمد ، وقدمه في " الفروع " وقال : في الفطر إن [ ص: 194 ] قيل فيه مقيد ، نقله الجماعة ; لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات ، والثاني : يكبر ، اختاره أبو بكر ، وأبو الوفاء ، وقال : هو الأشبه بالمذهب ، وفي " الشرح " أنه الأولى ; لأنها مفروضة مؤقتة تسن لها الجماعة كالمكتوبة ، وخصه في " الكافي " بعيد الفطر ( وصفة التكبير شفعا : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) لأنه ـ عليه السلام ـ كان يقول كذلك . رواه الدارقطني ، وقاله علي ، وحكاه ابن المنذر عن عمر . قال أحمد : اختياري تكبير ابن مسعود ، وذكر مثله ، وقال النخعي : كانوا يكبرون كذلك . رواه أبو بكر النجاد ، ولأنه تكبير خارج الصلاة له تعلق بها ، ولا يختص بالحاج ، فكان شفعا كالأذان ، واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير أولا وآخرا ، وأما تكبيره ثلاثا في وقت واحد فلم أره في كلامهم ، ولعله يقاس على الاستغفار من الصلاة ، وعلى قول : سبحان الملك القدوس بعد الوتر ; لأن الله وتر يحب الوتر .

تتمات : لا بأس قوله لغيره : تقبل الله منا ومنك ، نقله الجماعة كالجواب ، وقال : لا أبتدئ به ، وعنه : الكل حسن ، وعنه : يكره ، ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار ، نص عليه ، وقال : إنما هو دعاء وذكر ، قيل : تفعله أنت قال : لا ، وأول من فعله ابن عباس ، وعمرو بن حريث ، وعنه : يستحب ، ذكرها الشيخ تقي الدين ، ومن تولى صلاة العيد أقامها كل عام ، لأنها راتبة ما لم يمنع منها ، بخلاف كسوف واستسقاء . ذكره القاضي وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية