صفحة جزء
الثاني : خروج النجاسات من سائر البدن ، فإن كان غائطا أو بولا نقض قليلها وإن كان غيرهما لم ينقض إلا كثيرها ، وهو ما فحش في النفس ، وحكي عنه أن قليلها ينقض .


( الثاني : خروج النجاسات من سائر ) أي : باقي ( البدن فإن كان غائطا أو بولا نقض قليلها ) بغير خلاف في المذهب لما سبق ، وكالخارج من السبيلين ، وسواء كانا منسدين ، أو مفتوحين فوق المعدة أو تحتها ، وإن انسد المخرج المعتاد ، وانفتح غيره ، قال ابن عقيل : أسفل المعدة ، فخرج منه ريح لم [ ص: 157 ] ينقض في الأشهر ، وإن خرج منه بول أو غائط ، ورجي انقطاعه نقض كثيره ، وفي يسيره روايتان ، قال في " النهاية " : إن انسد المخرج المعتاد خلقة ، فسبيل الحدث المنفتح ، والمسدود كعضو زائد من الخنثى ، وعلم منه أن الخارج إذا كان طاهرا فإنه لا ينقض ، سواء كان بصاقا ، أو نخامة ، أو بلغما ، وهو أصح الروايتين فيه ، وعنه : بلى ، وهو قول أبي يوسف ، وأصلهما هل يفطر الصائم ، والأول : أصح ، لأنها تخلق من البدن كبلغم الرأس ، وقيل : هو نجس إذا انعقد ، وازرق ، وحكاه بعضهم رواية ( وإن كان غيرهما لم ينقض إلا كثيرها ) وهو قول عمر ، وابن عباس لقوله عليه السلام لفاطمة : إنه دم عرق تعلل بكونه دم عرق ، والقيح والدم كذلك ، ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبه الخارج من السبيل ، وفيه نظر ، وقيل : لا ينقض دم ، وقيح ، ودود ، وعنه : لا ينقض قيح ، ولا صديد ، ولا مدة ، إلا أن يخرج ذلك من السبيل ، فلو خرج دم كثير بمص علق ، أو قراد نقض ، فإن لم يخرج بنفسه بل بقطنة ، ونحوها ، فكذلك ، بخلاف مص ذباب ، وبعوض لقلته ، ومشقة الاحتراز منها ، ذكره أبو المعالي ، وظاهره أن اليسير لا ينقض ، وهو كذلك ، ذكره القاضي رواية واحدة ، وحكاه أحمد عن ابن عمر ، وروي عن ابن أبي أوفى ، وجابر ، واشتهر ذلك ، ولم ينكر ، فكان إجماعا ، قال أحمد : قال ابن عباس في الدم : إذا كان فاحشا أعاد الوضوء ، والقليل لا أرى فيه الوضوء ، لأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخصوا فيه ، ثم بين حد الكثير فقال ( وهو ما فحش في النفس ) أي : كل أحد بحسبه ، نص عليه ، واحتج بقول ابن عباس : الفاحش ما فحش في قلبك . قال [ ص: 158 ] الخلال : إنه الذي استقر عليه قوله ، وذكره المؤلف المذهب ، قال في " الشرح " : لأن اعتبار حال الإنسان بما يستفحشه غيره محرج ، فيكون منفيا ، وعنه : يعتبر نفوس أوساط الناس ، اختاره القاضي ، وجماعة كثيرة ، وجزم به في " التلخيص " ، و " المحرر " ، وقدمه في " الفروع " كما يرجع في يسير اللقطة إليهم ، وعنه : الفاحش قدر الكف ، وعنه : قدر عشرة أصابع ( وحكي عنه : أن قليلها ينقض ) لما روى معدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق ، فسألته ، فقال : صدق أنا صببت له وضوءه رواه أحمد ، واحتج به ، وقال الترمذي : هو أصح شيء في الباب ، وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أصابه قيء ، أو رعاف ، أو قلس ، أو مذي ، فلينصرف فليتوضأ رواه ابن ماجه ، والدارقطني من رواية إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج ، وهو حجازي ، وروايته عن الحجازيين ضعيفة عند أكثر المحدثين ، وكخارج معتاد لكن قال في " المغني " : لا تعرف هذه الرواية ، ولم يذكرها الخلال في جامعه إلا في القلس ، واطرحها ، وقال الشيخ تقي الدين : لا نقض مطلقا ، واختاره الآجري في غير القيء ، فإن شرب ماء وقذفه في الحال فنجس ، وبالجملة فيحملان على الفاحش ، جمعا بين الأدلة .

فائدة : القلس بالتحريك ، وقيل بالسكون : ما خرج من الجوف ملء الفم ، أو دونه ، وليس بقيء فإن عاد فهو قيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية