صفحة جزء
ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض . يبسط بعضها فوق بعض بعد تجميرها ، ثم يوضع عليها مستلقيا ، ويجعل الحنوط فيما بينها ، ويجعل منه في قطن يجعل منه بين أليتيه ، ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع أليتيه ومثانته ، ويجعل الباقي على منافذ وجهه . ومواضع سجوده ، وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ، ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن ، ويرد طرفها الآخر فوقه ، ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ، ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ، ثم يعقدها ، وتحل العقد في القبر .


ولا يخرق الكفن ، وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز ، ( ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض ) لقول عائشة كفن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ، وعن ابن عباس مرفوعا البسوا البياض ، فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم رواه أحمد ، والترمذي ، وصححه ، وقال : العمل عليه عند أكثر العلماء ، ولأن حال الإحرام أكمل أحوال الحي ; وهو لا يلبس المخيط فكذا بعد موته ، وظاهره : [ ص: 244 ] يكره في غير البياض من مزعفر ومعصفر لأمره بالبياض ، وظاهر " الوجيز " خلافه ، أنه يكره بما زاد كالخمسة ، صرح به في " المستوعب " ، و " الشرح " ، وغيرهما ، وصحح ابن تميم ، وقدمه في " الفروع " أنه لا يكره ، بل في سبعة أثواب ، وظاهره : أنه لا يعمم ، وقيل : لا يكره ، وأما الصغير فيكون في واحد ، ويجوز في ثلاثة ، نص عليه ، وظاهر " الخرقي " يستحب أيضا ، ويكون من قطن ، وقيل : وكتان ( يبسط بعضها فوق بعض ) أوسعها وأحسنها أعلاها ، ثم التي تليها دونها ; لأن عادة الحي جعل الظاهر أفخر ثيابه ( بعد تجميرها ) أي : تبخيرها ، زاد جماعة : ثلاثا ، لما روى أحمد : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : إذا جهزتم الميت فأجمروه ثلاثا ، ولأن هذا عادة الحي عند غسله وتجديد ثيابه ، فكذا الميت ، بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق ( ثم يوضع عليها مستلقيا ) لأنه أمكن لإدراجه فيها ( ويجعل الحنوط ) وهو أخلاط من طيب معد للميت خاصة ( فيما بينها ) لأنه مشروع ، وظاهره أنه لا يجعل فوق العليا لكراهة عمر ، وابنه ، وأبي هريرة ذلك ، وفي " الشرح " أنه يجعل فوق الأولى حنوطا فقط ، وقيل : بين الثانية والثالثة طيب وكافور ، نص عليه ، وقيل : لا يذر على اللفائف شيئا ، كما لا يوضع على الثوب الذي يستر النعش ، نص عليه ( ويجعل منه ) أي : من الحنوط ( في قطن يجعل بين أليتيه ) برفق ، ويكثر ذلك ليرد ما يخرج عند تحريكه ، ( ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالتبان ) وهو السراويل بلا أكمام ( تجمع بين أليتيه ومثانته ) بشد الخرقة ( ويجعل الباقي ) في القطن ( على منافذ وجهه ) وهي عيناه ، ومنخراه ، وأذناه ، وفمه ; لأن في جعلها على المنافذ منعا من [ ص: 245 ] دخول الهوام ، ولأنها تمنع سرعة الفساد إذا حدث حدث ، وظاهره أنه لا يحشى بالقطن . وفي " الغنية " إن خاف حشاه بقطن وكافور ، وفي " المستوعب " إن خاف لا بأس به ، نص عليه ( ومواضع سجوده ) وهي ركبتاه ويداه وجبهته ، وأطراف قدمه تشريفا لها ، لكونها مختصة بالسجود ويطيبها مع مغابنه ، نص عليه ( وإن طيب جميع بدنه كان حسنا ) لأن أنسا طلي بدنه بالمسك ، وطلي ابن عمر ميتا بالمسك ، وذكر السامري أنه يستحب تطييب جميع بدنه بالصندل والكافور لدفع الهوام ، والمنصوص : يكره داخل عينيه ، وقاله الأكثر ; لأنه يفسدها ، ويكره خلط زعفران وورس بحنوط ; لأنه ربما ظهر لونه على الكفن ; لأنه يستعمل غذاء وزينة ، ولا يعتاد التطيب به ، ويكره طليه بصبر ليمسكه وبغيره لعدم نقله ( ثم يرد طرف اللفافة العليا ) من الجانب الأيمن ( على شقه الأيمن ، ويرد طرفها الآخر ) أي : من الجانب الأيسر ( فوقه ) أي : فوق الطرف الآخر ; وهو الأيمن لئلا يسقط عنه الطرف الأيسر إذا وضع على يمينه في القبر ، وعكس صاحب " الفصول " ، و " المستوعب " ، و " المحرر " ، وقال : لأنه عادة لبس الحي من قباء ورداء ونحوهما ، ويتوجه أنهما سواء ( ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك ) أي كالأولى ، لأنهما في معناهما ( ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه ) كالحي لشرفه ، ولأنه أحق بالستر من رجليه ، ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعه ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر ( ثم يعقدها ) إن خاف انتشارها ( وتحل العقد في القبر ) لأنه ـ عليه السلام ـ لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه ، وعن ابن مسعود وسمرة نحوه ، ولأن الخوف قد زال [ ص: 246 ] زاد أبو المعالي ، وغيره : ولو نسي بعد تسوية التراب عليه قريبا ; لأنه سنة ، لكن لا يحل الإزار ، نص عليه ( ولا يخرق الكفن ) لما فيه من إفساده ، وتقبيح الكفن المأمور بتحسينه ، وكرهه أحمد ، وقال : بأنهم يتزاورون فيها ، وجوزه أبو المعالي خوف نبشه ، قال أبو الوفاء : ولو خيف ; وهو ظاهر كلام غيره ( وإن كفن في قميص ومئزر ، ولفافة ، جاز ) لأنه ـ عليه السلام ـ ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات رواه البخاري ، وعن عمرو بن العاص : إن الميت يؤزر ، ويقمص ، ويلف بالثالثة ، وهذا عادة الحي . وصرح في " الشرح " ; وهو ظاهر " الهداية " أنه يكره ، والمنصوص أن يكون القميص بكمين ، ودخاريص لا يزر ; لأنه لا يسن للحي زره فوق إزار لعدم الحاجة ، وقيل : عكسه للحي ; لأنه العادة في العرف ، فيؤزر بالمئزر ثم يلبس القميص ثم يلف باللفافة ، وقيل : بزره ; وهو رواية ، وعنه : يستحب ذلك ، وعبارة " الوجيز " ، ويجزئ ، وفيها شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية