صفحة جزء
ويكبر أربع تكبيرات ، يقرأ في الأولى الفاتحة ، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثانية . ويدعو في الثالثة فيقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، إنك تعلم متقلبنا ومثوانا ، وأنت على كل شيء قدير ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ، ومن توفيته فتوفه عليهما ، اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، وأوسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار . وافسح له قبره ، ونور له فيه ، وإن كان صبيا قال : اللهم اجعله ذخرا لوالديه ، وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا ، اللهم ثقل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، وألحقه بصالح سلف المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم ، وقه برحمتك عذاب الجحيم ، ويقف بعد الرابعة قليلا . ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ، ويرفع يديه مع كل تكبيرة .


( ويكبر أربع تكبيرات ) لتكبير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على النجاشي أربعا متفق عليه ، واشتهرت الروايات به ( يقرأ في الأولى الفاتحة ) لما روى ابن ماجه بإسناد فيه شهر بن حوشب عن أم شريك الأنصارية قالت : أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب ، وعن جابر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قرأ بالفاتحة بعد التكبيرة الأولى ، وكالمكتوبة ، وظاهره أنه لا يستفتح ; وهو المشهور ; لأن مبناها على التخفيف ، وعنه : بلى ، اختاره الخلال ، وجزم به في " التبصرة " ثم يتعوذ للآية ، وعنه : لا ، ويضع يمينه على شماله ، وكان أحمد يفعله ، ونقل الفضل أنه أرسلهما ، ويبتدئ الحمد بالبسملة كسائر الصلوات ، قاله في " الشرح " ، وظاهره الاكتفاء بها ، قال : في " الفصول " بغير خلاف في مذهبنا ، وجزم في " التبصرة " بقراءة سورة معها ، قال أحمد : يقرأ الفاتحة سرا ، ولو ليلا ، لا يقال : ابن عباس جهر بها ، وقال : سنة وحق ، لأجل تعليمهم ( ويصلي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الثانية ) سرا ، لما روى الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويخلص الدعاء للميت ، ثم يسلم ، ويكون كما في التشهد نص عليه ، واستحب القاضي بعدها " اللهم [ ص: 252 ] صل على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك والمرسلين ، وأهل طاعتك أجمعين " وفي " الكافي " لا يتعين صلاة ; لأن القصد مطلق الصلاة ( ويدعو ) لنفسه ، ولوالديه ، والميت ، والمسلمين ( في الثالثة ) لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا صليتم على الميت فأخلصوا الدعاء رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وفيه ابن إسحاق ، ولا توقيت فيه ، نص عليه ، ويستحب أن يدعو ( فيقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، إنك تعلم متقلبنا ومثوانا ، وأنت على كل شيء قدير ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ، ومن توفيته منا فتوفه عليهما ) رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث أبي هريرة زاد ابن ماجه اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تضلنا بعده وفيه ابن إسحاق قال الحاكم : حديث أبي هريرة صحيح على شرط الشيخين لكن زاد فيه المؤلف : وأنت على كل شيء قدير ، ولفظ " السنة " اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، وأوسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار رواه مسلم من [ ص: 253 ] حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت ، وفيه : وأبدله أهلا خيرا من أهله ، وزاد المؤلف لفظ من الذنوب ( وافسح له في قبره ، ونور له فيه ) لأنه لائق بالمحل ، فإن كان الميت امرأة أنث ، وإن كان خنثى قال : هذا الميت ونحوه .

تذنيب : " نزله " بضم الزاي ، وقد يسكن ، " ومدخله " بفتح الميم : موضع الدخول ، وبضمها : الإدخال ، والزوج بغير هاء للمذكر والمؤنث ، وقد يقال لامرأة الرجل : زوجة ، حكاها الخليل والجوهري ، وذكر جماعة أنه يستحب أن يقول : اللهم إنه عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، نزل بك ، وأنت خير منزول به ، اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، اللهم إنا جئنا شفعاء له فشفعنا فيه ، ولا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله ، إنك غفور رحيم ، وإن لم يعلم شرا من الميت قال : اللهم لا نعلم إلا خيرا للخبر ، ولا بأس بالإشارة بالإصبع حال الدعاء للميت ، نص عليه ( وإن كان صبيا ) وعبارة " المحرر " ، و " الفروع " ; وهو أولى ( قال : اللهم اجعله ذخرا لوالديه ، وفرطا ، وأجرا ، وشفيعا مجابا ، اللهم ثقل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، وألحقه بصالح سلف المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم ، وقه برحمتك عذاب الجحيم ) لقوله ـ عليه السلام ـ والسقط يصلى عليه ، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة رواه أبو داود ، وما ذكره من الدعاء لائق بحاله مناسب لما مر فيه ، فشرع كالاستغفار للبالغ ، زاد جماعة سؤال المغفرة له ، والأشهر عدمه ; لأنه لا ذنب له ، وإنما يدعو لوالديه ، هذا هو السنة .

[ ص: 254 ] فرع : إذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه ، وفي " الفروع " ، ومرادهم فيمن بلغ مجنونا أو مات أنه كصغير ( ويقف بعد الرابعة قليلا ) لما روى الجرجاني عن زيد بن أرقم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يكبر أربعا ، ثم يقف ما شاء الله ، فكنت أحسب هذه الوقفة ليكبر آخر الصفوف وظاهره : أنه لا يشرع بعدها دعاء ، نص عليه ، واختاره الخرقي وابن عقيل وغيرهم ، ولم يذكر بعضهم الوقوف ، ونقل جماعة : يدعو فيها كالثالثة ، اختاره أبو بكر ، والآجري ، والمجد في " شرح الهداية " ; لأن ابن أبي أوفى فعله ، وأخبر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعله ، قال أحمد : هو أصلح ما روي ، وقال : لا أعلم شيئا يخالفه ، ولأنه قيام في جنازة ، أشبه الذي قبله ، فيقول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، واختاره جمع ، وحكاه ابن الزاغوني عن الأكثر ، وصح أن أنسا كان لا يدعو بدعاء إلا ختمه بهذا ، واختار أبو بكر : اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله ; لأنه لائق بالمحل ، وفي " الوسيلة " رواية أيهما شاء ، وقد نص في رواية جماعة أنه يدعو للميت بعد الرابعة ، وللمسلمين بعد الثالثة ; وهي اختيار الخلال ، وظاهره : أنه لا يتشهد ولا يسبح مطلقا ، نص عليه ، واختار حرب يقول : السلام عليك أيها النبي إلى قوله : وأن محمدا عبده ورسوله ; وهو قول عطاء ( ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ) نص عليه ، وقال : عن ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحليلها التسليم روى عطاء بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم سلم - على الجنازة تسليمة رواه الجوزجاني ، وقال ابن المبارك : من سلم عليها تسليمتين فهو جاهل ، ولأن التسليمة عن يمينه أكثر ما روي فيه وهو أشبه ، وإن سلم تلقاء وجهه جاز ، نص عليه ، وتجوز ثانية ، واستحبها القاضي ، وذكره الحلواني رواية ، وقد روى الحاكم عن ابن أبي أوفى تسليمتين ، وظاهر كلامهم : يجهر بها الإمام ، وقيل : يسر [ ص: 255 ] ويتابع إماما في الثانية كالقنوت ( ويرفع يديه مع كل تكبيرة ) روي عن ابن عمر رواه الشافعي ، وعن ابن عباس رواه سعيد ، وعمر عم زيد بن ثابت . رواه الأثرم ، ولأنه لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود ، فسن فيها الرفع لتكبيرة الإحرام ، وحكى في " الشرح " الإجماع على أنه يرفع في الأولى ، وصفة الرفع وانتهاؤه كما سبق

التالي السابق


الخدمات العلمية