صفحة جزء
الثالث : زوال العقل إلا النوم اليسير جالسا ، أو قائما ، وعنه : أن نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره .


[ ص: 159 ] ( الثالث زوال العقل ) أو تغطيته . قال أبو الخطاب ، وغيره : ، ولو تلجم ، ولم يخرج شيء إلحاقا بالغالب ، لأن الحس يذهب معه ، والمزيل له على ضربين : نوم وغيره ، فغير النوم كالجنون والإغماء والسكر ينقض كثيرها ، ويسيرها إجماعا على كل الأحوال ، لأن هؤلاء لا يشعرون بحال ، بخلاف النائم ، وفي إيجاب الوضوء بالنوم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه ، وأما النوم فرحمة من الله تعالى على عبده ليستريح بدنه عند تعبه ، وهي غشية ثقيلة تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء فينقض في الجملة ، لما روى علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العين وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ رواه أحمد ، وأبو داود ، عن بقية ، عن الوضين بن عطاء ، ولأنه مظنة خروج الحدث ، فأقيم مقامه ، كالتقاء الختانين ، ونقل الميموني : أنه لا ينقض قال الخلال : هو خطأ بين ، واختاره الشيخ تقي الدين إذا ظن بقاء طهره ، ولا تفريع عليها ، ثم هو ينقسم إلى أقسام ، فقال ( إلا النوم اليسير ) عرفا ، لأنه لا حد له في الشرع ، وقيل : ما لم يتغير عن هيئته كسقوطه ، وقيل : مقدار الكثير ركعتان ، ونص أحمد أنه إذا رأى فيه حلما ، ومن لم يغلب على عقله ، فلا وضوء عليه ، فلو شك في كثرته لم ينقض ( جالسا أو قائما ) اختاره الخرقي ، وجزم به في " الوجيز " وقدمه ابن تميم لما روى أنس قال : كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة ، حتى تخفق رءوسهم ، ثم يصلون ، ولا يتوضئون رواه أبو [ ص: 160 ] داود بإسناد صحيح ، وهو محمول على اليسير ، لأنه اليقين ، والقائم كالقاعد لاشتراكهما في انضمام محل الحدث ، وظاهره أنه ينقض إذا كان كثيرا ، وهو كذلك على المذهب ، لأن مع الكثرة لا يحس بما يخرج منه بخلاف اليسير ، وعنه : لا ( وعنه : أن نوم الراكع أو الساجد لا ينقض يسيره ) لأنهما من الصلاة أشبه الجالس ، وظاهره أنه ينقض اليسير منهما على المذهب ، وهو كذلك ، وقياسهما على الجالس غير مستقيم ، لأن محل الحدث فيهما منفتح بخلاف الجالس ، وقدم في " المحرر " ، و " البلغة " استثناء اليسير في الحالات الأربع ، وعنه : ينقض اليسير إلا في الجالس ، وعنه : لا نقض فيها ، وهي اختيار القاضي ، والشريف ، وأبي الخطاب ، والشيرازي ، وابن عقيل ، لما روى أحمد في الزهد عن الحسن البصري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا نام العبد وهو ساجد ، يباهي الله به الملائكة ، يقول : انظروا إلى عبدي روحه عندي ، وهو ساجد فسماه ساجدا مع نومه ، ولأن الأصل الطهارة ، فلا تزول بالشك ، وظاهره أن نوم المستند ، والمتكئ ، والمحتبي كالمضطجع ، وهو كذلك على الأشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية