صفحة جزء
والرابع : مس الذكر بيده أو ببطن كفه ، أو بظهره ، ولا ينقض مسه بذراعه وفي مس الذكر المقطوع وجهان . وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره ، انتقض وضوءه ، وإن مس أحدهما لم ينتقض إلا أن يمس الرجل ذكره لشهوة ، وفي مس الدبر ، ومس المرأة فرجها روايتان ، وعنه : لا ينقض مس الفرج بحال


( الرابع مس الذكر ) أي : ذكر الآدمي في ظاهر المذهب ، لما روت بسرة بنت صفوان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من مس ذكره فليتوضأ رواه مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وغيرهم ، وصححه أحمد ، وابن معين ، قال البخاري : أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة ، وعن أم حبيبة معناه ، رواه ابن ماجه ، والأثرم ، وصححه أحمد ، وأبو زرعة ، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فقد وجب عليه الوضوء رواه الشافعي ، وأحمد ، [ ص: 161 ] وفي رواية له : وليس دونه ستر ، وقد روي ذلك عن بضعة عشر صحابيا ، وهذا لا يدرك بالقياس ، فعلم أنهم قالوه عن توقيف .

وعنه : لا ينقض لما روى قيس بن طلق عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الرجل يمس ذكره ، وهو في الصلاة ، هل عليه وضوء ؛ قال : لا ، إنما هو بضعة منك رواه الخمسة ، ولفظه لأحمد ، وصححه الطحاوي ، وغيره ، ولأنه جزء من جسده أشبه رجله ، فعليها يستحب الوضوء من مسه ، واختارها الشيخ تقي الدين في فتاويه ، والأولى أصح ، لأن حديث قيس ضعفه الشافعي ، وأحمد ، قال أبو زرعة ، وأبو حاتم : قيس لا تقوم بروايته حجة ، ولو سلم صحته ، فهو منسوخ ، لأن طلق بن علي قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يؤسس في المسجد رواه الدارقطني ، وفي رواية أبي داود قال : قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل كأنه بدوي ، فسأله الحديث ، ولا شك أن التأسيس كان في السنة الأولى من الهجرة ، وإسلام أبي هريرة كان في السنة السابعة ، وبسرة في السنة الثامنة عام الفتح هذا ، وإن لم يكن نصا في النسخ فهو ظاهر فيه ، وحديثهم مبقى على الأصل ، وأحاديثنا ناقلة عنه ، وهي أولى ، فإن كان الأمر به هو المنسوخ ، لزم التغيير مرتين ، وإن كان ترك الوضوء هو المنسوخ لم يلزم التغيير إلا مرة واحدة ، فيكون أولى ، وقياسهم الذكر على بقية البدن لا يستقيم ، لأنه يتعلق به أحكام ينفرد بها من إيجاب الغسل بإيلاجه ، والحد ، والمهر ، وغير ذلك .

ومنهم من حمله على المس من وراء حائل ، لأنه كان في الصلاة ، والمصلي في الغالب [ ص: 162 ] إنما يمسه من فوق ثيابه ، ولهذا علل بأنه بضعة منه ، قلت : وقد روى الطبراني بإسناده ، وصححه عن قيس ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من مس ذكره فليتوضأ قال : ويشبه أن يكون طلق سمع الناسخ والمنسوخ ، وفي تصحيحه نظر ، فإنه من رواية حماد بن محمد الحنفي ، وأيوب بن عتبة ، وهما ضعيفان ، وحينئذ فيتعارض روايتاه ، ويرجع إلى أحاديث النقض . ( بيده ) وهي من رءوس الأصابع إلى الكوع ، كالسرقة ، والتيمم ( أو ببطن كفه أو بظهره ) للعموم ، والأول : مغن عنه ، لأنه يشمله ، وعنه : ببطن الكف لأنه آلة اللمس ، وفي حرف كفه وجهان ، وظاهره أنه لا فرق بين ذكر نفسه ، وذكر غيره ، لقوله عليه السلام : ويتوضأ من مس الذكر رواه أحمد ، والنسائي ، وعنه : يختص بذكر نفسه ، والصغير ، والكبير على المنصوص ، وعنه : لا نقض بمس ذكر طفل ، ذكرها الآمدي ، والحي والميت على المذهب ، وسواء مسه سهوا ، أو لغير شهوة على المشهور ، وعنه : إن تعمد مسه نقض ، وعنه : إن مسه من فوق حائل لشهوة نقض ، ولا فرق أيضا بين أصل الذكر ، ورأسه على المذهب ، وعنه : يختص بالثقب ، وعنه : بالحشفة ، وهما بعيدان ، ومراده إذا كان أصليا ، سواء كان صحيحا ، أو أشل ، فلو كان زائدا لم ينقض في الأصح ، وشمل كلامه اليد الصحيحة ، والشلاء ، والزائدة على الصحيح ، والمذهب أنه ينقض إذا مسه من غير حائل ، ولو بزائد خلا ظفره ( ولا ينقض مسه بذراعه ) في ظاهر المذهب ، كالعضد ، لأن الحكم المعلق على مطلق اليد لا يتجاوز الكوع ، وعنه : بلى ، وهي قول الأوزاعي ، لأنها في الوضوء كذلك ، والأول : أصح ، لأنه إنما غسله فيه لتقييده بها ، وعلم منه أنه لا ينقض مسه بغير [ ص: 163 ] اليد زاد ابن تميم ، وفي الفرج وجهان ، واختار الأكثر النقض بمسه بفرج ، والمراد لا ذكره بذكر غيره ، وصرح به أبو المعالي ( وفي مس الذكر المقطوع ) المنفصل ( وجهان ) وقيل : روايتان كذا في " المحرر " ، و " الفروع " ، وظاهر المذهب أنه لا ينقض لذهاب الحرمة ، والثاني : بلى ، وقطع به الشيرازي لبقاء الاسم ، وكذا الخلاف في مس محله ، وذكر الأزجي ، وأبو المعالي فيه ينقض ، ولا يتعلق بالذكر البائن شيء من أحكام الختانين ، لأنه كيد بائنة بخلاف فرج بائن .

وحكم لمس القلفة ، وهي الجلدة التي تقطع في الختان قبل قطعها كالحشفة ، لأنها منه ، ولا ينقض مسها بعد قطعها لزوال الاسم والحرمة .

( وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره ، انتقض وضوءه ) لأن لمس الفرج متيقن إن كان ذكرا ، فقد لمس ذكره ، وإن كان امرأة فقد مس فرجها ، ( وإن مس أحدهما لم ينتقض ) لاحتمال أن يكون غير فرج ، فلا ينقض الوضوء مع قيام الاحتمال ( إلا أن يمس الرجل ذكره ) أي الخنثى ( لشهوة ) فإنه ينتقض إن كان رجلا فقد لمس ذكرا ، وإن كان امرأة فقد لمس الرجل امرأة لشهوة ، وفي " المحرر " ، و " الوجيز " ، و " الفروع " صورة أخرى ، وهي : إذا لمست المرأة قبله ، لأن الخنثى إن كان امرأة ، فقد لمست المرأة فرج امرأة ، وإن كان رجلا فقد لمسته لشهوة ( وفي مس الدبر ، ومس المرأة فرجها ) هو اسم لمخرج الحدث ، وهو ما بين شفريها دون اسكتيها ، [ ص: 164 ] ( روايتان ) إحداهما ، ونقلها أبو داود : أنه ينتقض ، قدمها في " المحرر " ، و " الفروع " واختارها أكثر الأصحاب لقوله عليه السلام : من مس فرجه فليتوضأ رواه ابن ماجه وغيره ، والفرج : اسم جنس مضاف فيعم ، ولقوله عليه السلام : أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ رواه أحمد من حديث عمرو بن شعيب ، وإسناده جيد إليه ، وكالذكر ، والأخرى : لا ينتقض .

أما الدبر ، فقال الخلال : إنها الأشيع في قوله ، واختارها جماعة ، قال في " الفروع " : وهي أظهر ، لأن غالب الأحاديث تقيده بالذكر ، وأما الفرج ، فقال المروزي : قيل لأبي عبد الله : الجارية إذا مست فرجها أعليها وضوء ؛ قال : لم أسمع فيه بشيء ، ولا يفضي مسه إلى خروج خارج ، بخلاف الذكر ، وظاهره أن الخلاف مختص بما إذا مست فرج نفسها ، والأشهر ، لا فرق بين مس فرجها ، وفرج غيرها ، وفي " التلخيص " و " البلغة " : ينقض مس فرج المرأة ، وفي مس فرج غيرها وجهان .

وظاهر كلامهم لا يشترط للنقض بذلك الشهوة ، وهو مفرع على المذهب ، وشرطها ابن أبي موسى ( وعنه : لا ينقض مس الفرج بحال ) لما سبق . وظاهره أنه لا ينقض بمس غير الفرجين من البدن ، وهو كذلك في قول أكثر العلماء ، وقال عروة : يجب في مس الأنثيين ، ، وقال عكرمة : يجب على من مس ما بين فرجيه ، ولا تجب بمس فرج بهيمة ولو كانت مأكولة ، لأنه ليس بمنصوص عليه ، ولا في معناه ، وفيه احتمال ، وهو قول الليث ، زاد في " الرعاية " : لشهوة ، ولا بمس المخرج المعتاد إذا انسد ، وانفتح غيره ، وفيه وجه ، وقيل : معها .

[ ص: 165 ] فرع : إذا انتشر عضوه بتكرر نظر ، لم ينتقض في الأصح ، كما لو كان عن فكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية