صفحة جزء
الخامس : أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة ، وعنه : لا ينقض ، وعنه : ينقض لمسها بكل حال ، ولا ينقض مس الشعر ، والسن ، والظفر ، والأمرد . وفي نقض وضوء الملموس روايتان .


( الخامس : أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة ) هذا ظاهر المذهب ، لأنه عليه السلام صلى ، وهو حامل أمامة ، والظاهر أنه لا يسلم من مسها ، ولأنه ليس بحدث ، وإنما هو داع إليه ، فاعتبرت الحالة التي تدعو إليها ، وهي حالة الشهوة ، وفي " الوجيز " بشهوة بالباء ، وهو أحسن لتدل على المصاحبة ، والمقارنة ، وهو شامل للأجنبية ، وذات المحرم ، والصغيرة ، والكبيرة لعموم النص ، واللمس الناقض معتبر مع الشهوة ، فإذا وجدت فلا فرق لكن في العجوز ، والمحرم ، والصغيرة وجه ، وهو ظاهر الخرقي فيها ، وصرح به المجد مقيدا بالتي لا تشتهى ، وللميتة ، والحية ، لأن الموت لا يرفع عنها الاسم ، وكما يجب الغسل بوطئها ، واختار الشريف ، وابن عقيل خلافه ، لأنها ليست محلا للشهوة ، وسواء كان المس باليد ، أو غيرها من سائر البشر للعموم ، والتخصيص تحكم ، ولا فرق أيضا بين مسها بعضو زائد أو مس عضو زائد منها ، وخرج من كلامه إذا كان اللمس بحائل ، وهو المنصوص ، ولو مع شهوة ، ذكره المؤلف وغيره ، لأنه لم يمسها ، والشهوة المجردة لا توجب الوضوء ، وعنه : ينقض ، ذكر القاضي أنه قياس المذهب ، قال ابن حمدان : وهو بعيد ، وخرج منه أيضا مس الرجل الرجل ، والمرأة المرأة لشهوة ، لأنه ليس بداخل في الآية الكريمة ، وأما لمسها له مع الشهوة ، فروايتان : إحداهما لا أثر له ، لأن النص إنما ورد في الرجل ، واللمس منه مع الشهوة مظنة لخروج الحدث فأقيم مقامه ، والأخرى ، وهي أصح ، [ ص: 166 ] قال في " المغني " : وهي ظاهر كلام الخرقي : ينقض ، لأنها ملامسة ناقضة ، فاستويا فيها كالجماع ، وهي أدعى إلى الحدث لفرط شهوتها ( وعنه : لا ينقض ) اختارها الآجري ، والشيخ تقي الدين لما روت عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض نسائه ، ثم يصلي ، ولا يتوضأ رواه أبو داود ، والنسائي ، واحتج به أحمد ، وضعفه يحيى القطان ، وابن معين ، والترمذي ، وغيرهم ، ووقعت يد عائشة على قدمه عليه السلام ، وهو يصلي ، ومسها برجله ، وهو يصلي رواه النسائي ، ولو بطل وضوءه لفسدت صلاته ، ولأنه مس فلم ينقض كمس البهيمة ، والملامسة في الآية أريد بها الجماع ، قاله علي ، وابن عباس ، ولو باشر مباشرة فاحشة ، وقيل : إن انتشر نقض ، وإذا لم ينقض مس فرج ، وأنثى ، استحب الوضوء ، نص عليه ( وعنه : ينقض لمسها بكل حال ) وهو قول ابن مسعود ، ورواه الشافعي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، وقال عمر ، وابن مسعود : القبلة من اللمس ، وفيها الوضوء . رواه الأثرم ، وحقيقة اللمس : التقاء البشرتين ، قال الشاعر :


لمست بكفي كفه أطلب الغنى

ولأنه مس ينقض فلم تعتبر فيه الشهوة كالذكر ، والأول : أصح جمعا بين الآية والأخبار ، إذ الآية محمولة على الشهوة ، وفعله عليه السلام على عدمها ، ولو أريد بها الجماع لاكتفى بقوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا [ المائدة 6 ] .

( ولا ينقض لمس الشعر ، والسن ، والظفر ) لشهوة ، نص عليه ، لأن ذلك ينفصل عنها حال السلامة ، أشبه الدمع ، ولا يقع عليها الطلاق بإضافته إليه ، [ ص: 167 ] وفيه وجه ينتقض ، لأنه من جملتها ، قال بعضهم : وكذا الخلاف إن لمسها الرجل بهذه الأشياء ( والأمرد ) أي : لا ينقض لمسه مع شهوة ، نص عليه ، وهو المذهب لعدم تناول الآية له ، ولأنه ليس بمحل للشهوة شرعا ، وعنه : بلى ، جزم به في " الوجيز " لأنها مباشرة لآدمي حقيقة ، ولا نقض بمس خنثى مشكل ، ولا بمسه رجلا وامرأة ، لأنه متيقن للطهارة شاك في الحدث ( وفي نقض وضوء الملموس روايتان ) أظهرهما لا نقض ، قاله ابن هبيرة ، واختارها المجد ، وهي ظاهر " الوجيز " لأنه لا نص فيه ، وقياسه على اللامس لا يصح لفرط شهوته ، والثانية : بلى ، وهي اختيارابن عبدوس ، لأن ما ينقض بالتقاء البشرتين لا فرق فيه بين اللامس والملموس ، كالتقاء الختانين ، ثم محلها إذا وجدت الشهوة في الملموس كما ذكره الشيخان ، وخص بعضهم الملموس بالمرأة ، وفي " الرعاية " وفي نقض وضوء الملموس فرجه وجهان ، وقيل : لا ينقض وضوء الملموس ذكره بخلاف لمس قبل المرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية