صفحة جزء
فصل : يستحب للرجال زيارة القبور . وهل تكره للنساء ؛ على روايتين ، وأن يقول إذا زارها أو مر بها : سلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم ، ويستحب تعزية أهل الميت .

ويكره الجلوس لها


فصل

( يستحب للرجال زيارة القبور ) نص عليه ، وحكاه النووي إجماعا ; لقوله ـ عليه السلام ـ كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم والترمذي ، وزاد فإنها تذكر الآخرة وقال أبو هريرة : زار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبر أمه فبكى ، وأبكى من حوله ، وقال : استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت متفق عليه . وعنه : لا بأس به ، وقاله الخرقي وغيره ، وأخذ منه جماعة الإباحة ; لأنه في الأمر بعد الحظر لا سيما وقد قرنه بما هو مباح ، وفي " الرعاية " يكره الإكثار منه ، وفيه نظر .

فوائد : يستحب للزائر أن يقف أمام القبر ، وعنه : حيث شاء ، وعنه : قعوده كقيامه ، ذكره أبو المعالي ، وينبغي قربه ، كزيارته في حياته ، ويجوز لمس القبر باليد ، وعنه : يكره ، لأن القرب تتلقى من التوقيف ، ولم ترد به سنة [ ص: 284 ] وعنه : يستحب ، صححها أبو الحسين ; لأنه يشبه مصافحة الحي ، ولا سيما ممن ترجى بركته ، واجتماع الناس للزيارة كما هو المعتاد بدعة ، قال ابن عقيل : أبرأ إلى الله تعالى منه ، ويجوز زيارة قبر المشرك والوقوف لزيارته لما سبق ، ذكره المجد ، وجوزه حفيده للاعتبار قال : ولا يمنع الكافر زيارة قبر أبيه المسلم ( وهل يكره للنساء ؛ على روايتين ) إحداهما ; وهي المذهب : يكره ; لأن المرأة قليلة الصبر ، فلا يؤمن تهييج حزنها برؤية الأحبة فيحملها على فعل محرم ، والثانية : يباح ; لأن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن ، وقال لها ابن أبي مليكة : أليس كان نهي عن زيارة القبور ؛ قالت : نعم ثم أمر بزيارتها رواه الأثرم ، واحتج به أحمد ، وعنه : يحرم لما روى أبو هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعن زوارات القبور رواه أحمد ، والترمذي ، وصححه ، وكما لو علمت أنها تقع في محرم ، ذكره المجد مع تأثيمه بظن وقوع النوح ، ولا فرق ، ولم يحرم هو وغيره دخول الحمام إلا مع العلم المحرم ، ويستثنى منه زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقبر صاحبيه ـ رضي الله عنهما - .

( و ) يستحب ( أن يقول إذا زارها أو مر بها : سلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ) كذا رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا ، والسلام فيه معرف ، وقاله جماعة ، والتنكير من طريق لأحمد عن أبي هريرة وعائشة ، وظاهره أن تنكيره أفضل ، نص عليه ، وخيره المجد ، وبعضهم حكاه نصا ، وكذا السلام على الأحياء ، وعنه : تعريفه أفضل كالرد ، وقال ابن البنا : سلام التحية منكر ، وسلام الوداع معرف ، والاستثناء للتبرك . قاله [ ص: 285 ] العلماء ، وفي البغوي : أنه يرجع إلى اللحوق لا إلى الموت ، وفي الشافي : أنه يرجع إلى البقاع ( ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ) روي من حديث عائشة ، ذكره في " الشرح " ( فنسأل الله لنا ولكم العافية ) رواه مسلم من حديث بريدة قال : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية فدل على أن اسم الدار يقع على المقابر ، وإطلاق الأهل على ساكن المكان من حي وميت ( اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ) رواه أحمد من حديث عائشة ( واغفر لنا ولهم ) لأنه روي : يغفر الله لنا ولكم ، وقد ورد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا لأهل الغرقد فقال : اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد سمي به لغرقد كان به ; وهو ما عظم من العوسج ، وقيل : كل شجر له شوك .

فائدة : يسمع الميت الكلام ، ويعرف زائره ، قاله أحمد . يوم الجمعة بعد الفجر قبل طلوع الشمس ، وفي " الغنية " يعرفه كل وقت ، وهذا الوقت آكد ، ويكره مشيه بين القبور بنعلين إلا خوف نجاسة أو شوك ، نص عليه ، واحتج بخبر بشير بن الخصاصية ، وعنه : لا يكره كالخف للمشقة ، وفي الشمشك ونحوه وجهان

التالي السابق


الخدمات العلمية