صفحة جزء
ويجوز البكاء على الميت ، وأن يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به


( ويجوز البكاء على الميت ) من غير كراهة ، لما روى أنس قال : رأيت النبي وعيناه تدمعان ، وقال : إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا ، وأشار إلى لسانه ، أو يرحم متفق عليه ، ودخل - عليه السلام - على ابنه إبراهيم ؛ وهو يجود بنفسه ، فجعلت عيناه تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن عوف ، [ ص: 288 ] إنها رحمة ، ثم أتبعها بأخرى ، فقال : إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون رواه البخاري وظاهره : لا فرق قبل الموت أو بعده أو بعد الدفن ، وأخبار النهي كقوله : " فإذا وجب فلا تبكين باكية " ، محمولة على بكاء معه ندب أو نياحة ، قال المجد : أو أنه كره كثرة البكاء ، والدوام عليه أياما ، ذكر الشيخ تقي الدين أنه يستحب رحمة للميت ، وأنه أكمل من الفرح ، لفرح الفضيل لما مات ابنه علي ، وقال عليه السلام هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ( و ) يجوز ( أن يجعل المصاب على رأسه ثوبا يعرف به ) والمراد به علامة ليعرف بها فيعزى ؛ لأنها سنة ، وهو وسيلة إليها ، فإذا لم تكن سنة بقي الجواز ، وقال ابن الجوزي : يكره لبسه خلاف زيه المعتاد ، وقيل : يكره تغير حاله من خلع ردائه ونعله ، وغلق حانوته ، وتعطيل معاشه ، وسئل أحمد يوم مات بشر عن مسألة فقال : ليس هذا يوم جواب ، هذا يوم حزن . فدل على ما ذكرنا ، قال جماعة : لا بأس بهجر المصاب للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام

التالي السابق


الخدمات العلمية