صفحة جزء
فصل

النوع الثاني : البقر ، ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ، فيجب فيها تبيع أو تبيعة ، وهي التي لها سنة ، وفي أربعين مسنة ، وهي التي لها سنتان ، وفي الستين تبيعان ، ثم في كل ثلاثين تبيع ، وفي كل أربعين مسنة ، ولا يجزئ الذكر في الزكاة في غير هذا إلا ابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها إلا أن يكون النصاب كله ذكورا ، فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا ، والإبل والبقر في أحد الوجهين . ومن الإبل والبقر في أحد الوجهين ، ويؤخذ من الصغار صغيرة ، ومن المراض مريضة .

وقال أبو بكر : لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال ، فإن اجتمع صغار وكبار ، وصحاح ومراض ، وذكور وإناث ، لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين ، وإن كان نوعين كالبخاتي والعراب ، والبقر والجواميس ، والضأن والمعز ، أو كان فيه كرام ولئام ، وسمان ومهازيل ، أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين .


فصل

( النوع الثاني : البقر ) وهو اسم جنس ، والبقرة تقع على الأنثى والذكر ، ودخلت الهاء على أنها واحدة من جنس ، والبقرات : الجمع ، والباقي جماعة البقر مع رعاتها ؛ وهي مشتقة من بقرت الشيء إذا شققته ؛ لأنها تبقر الأرض بالحراثة ، والأصل في وجوبها أحاديث ، منها ما روى معاذ : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن ، وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر " رواه أحمد ، ولفظه له ، وأبو داود وغيرهما وصححه بعضهم ، وقال : على شرط الشيخين ، وإنما لم يذكر في خبر الصدقة لقلتها في الحجاز ، إذ يندر ملك نصاب منها ، بل لا يوجد ، ولما أرسل معاذا إلى اليمن ذكر له حكمها لوجودها ولا خلاف في وجوبها ( ولا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ) وهي أقل نصابها ( فيجب فيها تبيع ) سمي به ؛ لأنه يتبع أمه ؛ وهو جذع البقر الذي استوى قرناه ، وحاذى قرنه أذنه غالبا ( أو تبيعة ؛ وهي التي لها سنة ) وعبارة " الفروع " لكل منها سنة ، وذكره الأكثر ، وفي " الأحكام السلطانية " نصف سنة ، وقال ابن أبي موسى : سنتان ( وفي أربعين مسنة ) ؛ لأنها ألقت سنا غالبا ؛ وهي الثنية ( وهي التي لها سنتان ) وفي " الأحكام السلطانية " سنة ، وقيل : ثلاث ، وقيل : أربع ، ولا يجزئ عنها مسن ، بل عن الأولين ، وقيل : يجزئ عنها [ ص: 319 ] تبيعان ( وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع ، وفي كل أربعين مسنة ) وقاله الأكثر ، لما روى أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم عن معاذ قال : " بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن الستين تبيعين ، ومن السبعين مسنة وتبيعا ، ومن الثمانين مسنتين ، ومن التسعين ثلاثة أتباع ، ومن المائة مسنة وتبيعين ، ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات وأربعة أتباع ، وأمرني أن لا آخذ مما بين ذلك شيئا ، إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا " ، وظاهره أنها إذا بلغت مائة وعشرين اتفق فيها الفرضان كالإبل ، ونص أحمد هنا على التخير .

( ولا يجزئ الذكر في الزكاة ) إذا كانت ذكورا أو إناثا ؛ لأن الأنثى أفضل ، لما فيها من الدر والنسل ، وقد نص الشارع على اعتبارها في الإبل في الأربعين من البقر ( في غير هذا ) إذ التبيع مكان التبيعة ؛ للنص السابق ؛ ولأنه أكثر لحما فتعادل الأنوثة ( إلا ابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمها ) ؛ لأنه يمتنع من صغار السباع ، ويرعى الشجر فيجزئ بنفسه ، ويرد الماء ، لكن ليس بأصل لكونه لا يجزئ مع وجودها ، بخلاف التبيع فيجزئ في الثلاثين ، وما تكرر منها كالستين ، وأما الأربعون وما تكرر منها كالثمانين ، فلا يجزئ في فرضها إلا الإناث لنص الشارع عليها ، إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين ، فيجزئ ، ذكره في " الشرح " ( إلا أن يكون النصاب كله ذكورا ، فيجزئ الذكر في الغنم وجها واحدا ) ؛ لأن الزكاة مواساة ، فلا يكلفها من غير الجنس ، وقيل : لا فيخرج أنثى بقيمة [ ص: 320 ] الذكر ( و ) يجزئ ( من الإبل والبقر في أحد الوجهين ) هذا المذهب جزم به في " الوجيز " لما سبق .

الثاني : لا يجزئ فيهما ؛ لأن الشارع نص على الأنثى ؛ وهي أفضل ، ففي العدول عنها عدول عن المنصوص ، وصحح في " الكافي " ، و " الشرح " الإجزاء في البقر ؛ لأنه قد جوزنا الذكر في الغنم مع أنه لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإناث ، فالبقر التي فيها مدخل أولى .

وفي الإبل وجهان أحدهما : يجزئ لما ذكر من المواساة .

والثاني : لا يجزئ لإفضائه إلى إخراج ابن لبون عن خمس وعشرين ، وست وثلاثين ، وفيه تسوية بين النصابين ، فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر ، وعلى الأول يخرج ابن لبون عن النصابين ، ويكون التعديل بالقيمة ، والفرق أن الشارع أطلق الشاة الواجبة ، ونص على الأنثى من الإبل والبقر ( ويؤخذ من الصغار صغيرة ) نص عليه ، لقول أبي بكر : والله لو منعوني عناقا . . . الخبر ، ويتصور أخذها ، فإذا أبدل الكبار بالصغار أو بموت الإناث ، وتبقى الصغار ، وهذا على المشهور أن الحول ينعقد عليها مفردة ، وهذا في الغنم دون الإبل ، والبقر ، فلا يجزئ إخراجه فصلان وعجاجيل ، فيقوم النصاب من الكبار ، ويقوم فرضه ، ثم تقوم الصغار ، ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط ، وقيل : يجزئ فيؤخذ من خمس وعشرين إلى إحدى وستين واحدة ، والتعديل بالقيمة مكانه زيادة السن ، ( ومن المراض مريضة ) ؛ لأنها وجبت مواساة ، وليس منها أن يكلف غير الذي في ماله ، ولا اعتبار بقلة العيب وكثرته ؛ لأن القيمة تأتي على ذلك ، [ ص: 321 ] لكون أن المخرج وسط القيمة ، ( وقال أبو بكر : لا يؤخذ ) فيهما ( إلا كبيرة صحيحة على قدر المال ) لقوله في رواية أحمد بن سعيد : لا يأخذ ما يجوز في الأضاحي . قال القاضي : وأومأ إليه في رواية ابن منصور ، وذكره الحلواني : ظاهر الخرقي لقول مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أمرني أن لا آخذ من راضع شيئا ، إنما حقنا في الثنية والجذعة " ، ولقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة ، ولا تأخذها منهم ، وكشاة الإبل . فعلى هذا يكلف سواء كبيرة أو صحيحة بقدر قيمة الفرض لتحصل المواساة ، والأول أشهر ، وما ذكرناه محمول على ما إذا اشتمل على النوعين ، وشاة الإبل ليست من جنس المال ، فلا يرتفق المالك ، وهنا من جنسه ، فهو كالحبوب ( فإن اجتمع ) في النصاب ( صغار وكبار ، وصحاح ومراض ، وذكور وإناث ، لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين ) للنهي عن أخذ الصغير والمعيب والكريمة لقوله : "ولكن من وسط أموالكم " ؛ لتحصل المواساة ، فإذا كان قيمة المال المخرج إذا كان المزكى كله كبارا صحاحا عشرين ، وقيمته بالعكس عشرة ، وجب كبيرة صحيحة قيمتها خمسة عشر ، هذا مع تساوي العددين ، فلو كان الثلث أعلى ، والثلثان أدنى ، فشاة قيمتها ثلاثة عشر وثلث ، وبالعكس قيمتها ستة عشر وثلثان ( وإن كان نوعين كالبخاتي ) ، الواحد : بختي ، والأنثى بختية ، قال عياض : هي إبل غلاظ ذوات سنامين ( والعراب ) هي جرد ملس حسان الألوان كريمة ( والبقر ، والجواميس ) واحدها : جاموس ، قال موهوب : هو أعجمي تكلمت به العرب ( والضأن والمعز ، أو كان فيه كرام ) واحدها : كريم ، وذكر عياض في قوله : " واتق [ ص: 322 ] كرائم أموالهم " أنها جمع كريمة ؛ وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غزارة لبن أو جمال صورة أو كثرة لحم أو صوف ، وقيل : هي التي يختصها مالكها لنفسه ويؤثرها ( ولئام ) واحدها لئيمة ؛ وهي ضد الكريمة ( وسمان ، ومهازيل ، أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين ) ؛ لأنها مع اتحاد الجنس هي المقصودة ، وذكره أبو بكر في هزيلة بقيمة سمينة ، وظاهره أنه مخير في أي الأنواع أحب ، سواء دعت إليه الحاجة أو لا ، لكن من كرام وسمان ، وضدهما يخرج وسطا ، نص عليه ، قدمه في " الفروع " ، وجزم به في " المحرر " ، وقيل : يخير الساعي ، ونقل حنبل من ضأن ومعز ، يخير الساعي لاتحاد الواجب ، ولم يعتبر أبو بكر القيمة في النوعين ، قال المجد : وهو ظاهر . نقل حنبل : ولا يلزمه من أكثرهما عددا ، وقد تضمن كلامه ضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في إيجاب الزكاة ، وخرج به الخرقي في الضأن والمعز ، وحكاه ابن المنذر إجماعا .

مسألة : إذا أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه ، جاز إن لم ينقص قيمة المخرج عن النوع الواجب ، وعلى قول أبي بكر ، ولو نقصت ، وقيل : لا يجزئ هنا مطلقا كغير الجنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية