صفحة جزء
السابع : أكل لحم الجزور ، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضئوا من لحوم الإبل ، ولا توضئوا من لحوم الغنم ، فإن شرب من لبنها ، فعلى روايتين ، وإن أكل من كبدها أو طحالها ، فعلى وجهين .


( السابع : أكل لحم الجزور ) على الأصح ( لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضئوا من لحوم الإبل ، ولا توضئوا من لحوم الغنم رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي من حديث البراء بن عازب ، وصححه أحمد ، وإسحاق ، وقال ابن خزيمة : لم نر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح ، وروى مسلم معناه من حديث جابر بن سمرة ، قال الخطابي : ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث ، فعلى هذا لا فرق فيه بين قليله ، وكثيره ، نيئه ، أو مطبوخه ، عالما كان الآكل أو جاهلا ، وعنه : إن علم النهي نقض . قال الخلال : وعلى هذا استقر قوله ، لأنه خبر آحاد فيعذر بالجهل كما يعذر بجهل الزنا ، ونحوه الحديث العهد بالإسلام ، وعنه : ينقض نيئه ، وعنه : إن طالت المدة كعشر سنين ، لم يعد ، بخلاف ما إذا قصرت ، وعنه : لا يعيد إذا تركه متأولا ، وعنه : إذا كثر أكلها ، وعنه : لا نقض مطلقا ، وهو قول [ ص: 169 ] أكثر العلماء لما روى جابر قال : كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وإسناده جيد ، وقال عمر ، وابن عباس : الوضوء مما خرج ، وليس مما دخل . رواه سعيد ، ولأنه مأكول أشبه سائر المأكولات ، والأول : أصح ، لا يقال : يحتمل أن يراد بالوضوء غسل اليدين ، لأنه مقرون بالأكل ، كما حمل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء قبل الطعام وبعده ، ويحتمل أن يراد به على وجه الاستحباب ، لأن الوضوء الوارد في الشرع يحمل على موضوعه الشرعي ، ولأنه جمع بين ما أمر به ، وهو الوضوء من لحومها ، وبين ما نهي عنه ، وهو عدم الوضوء من لحوم الغنم ، والخصم يقول : بأنه يستحب فيهما ، ولأن السؤال وقع عن الوضوء والصلاة ، والوضوء المقترن بها لا يفهم منه غير الوضوء الشرعي ، ولأن مقتضى الأمر الإيجاب ، لأنه أوجب الوضوء منه ، ودعوى النسخ مردودة بأمور ، وقيل : الوضوء منه معلل بأنها من الشياطين ، إذ كل عات متمرد شيطان ، فالكلب الأسود شيطان الكلاب ، والإبل شياطين الأنعام ، فالأكل منها يورث حالة شيطانية ، والشيطان يطفئه بارد الماء .

( فإن شرب من لبنها فعلى روايتين ) كذا في " المغني " ، و " المحرر " ، و " الفروع " إحداهما : ينقض لما روى أسيد بن حضير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : توضئوا من لحوم الإبل ، وألبانها رواه أحمد ، وابن ماجه من رواية الحجاج بن أرطاة ، وروى الشالنجي نحوه من حديث البراء بن عازب ، وإسناده جيد ، والأخرى : لا ، وهي ظاهر " الوجيز " قال الزركشي : واختيار الأكثرين لما روى ابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : مضمضوا من اللبن ، فإن له دسما [ ص: 170 ] فدل على أنه يكتفى بها في كل لبن ، ولأن الأخبار الصحيحة إنما وردت في اللحم ، والحكم فيه غير معقول المعنى ، فيقتصر على مورد النص فيه ( وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين ) وفي " الفروع " روايتان إحداهما : لا ينقض ، لأن النص لم يتناوله ، والثانية : بلى ، لأن ذلك من جملة الجزور ، فإطلاق لفظ اللحم يتناوله ، بدليل أن الله تعالى لما حرم لحم الخنزير تناول جميع أجزائه ، والأشهر الأول ، والحكم في بقية الأجزاء كالكرش ، والمصران ، والسنام ، والدهن كذلك ، وعلم منه أن لا وضوء من غيره سواء مسته النار أو لا ، وهو قول أكثر العلماء ، وروي عن الخلفاء الراشدين ، ولا وضوء بأكل لحم محرم ، وكذا طعام محرم على الأصح ، وعنه : يختص النقض بلحم الخنزير . قال أبو بكر : وبقية النجاسات تخرج عليه حكاه ابن عقيل ، وقال الشيخ تقي الدين : الخبيث المباح للضرورة ، كلحم السباع أبلغ من الإبل ، فبالوضوء منه أولى ، قال : والخلاف فيه مبني على أن لحم الإبل تعبدي ، أو عقل معناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية