صفحة جزء
ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب ، فأما الحلي المحرم ، والآنية ، وما أعد للكراء أو النفقة ، ففيه الزكاة إذا بلغ نصابا ، والاعتبار بوزنه إلا ما كان مباح الصناعة ، فإن الاعتبار في النصاب بوزنه ، وفي الإخراج بقيمته .


فصل

( ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال في ظاهر المذهب ) لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس في الحلي زكاة " رواه الطبري ؛ وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر ، وجماعة من التابعين ، ولأنه مرصد للاستعمال المباح ، فلم تجب كالعوامل ، وثياب القنية ، قال جماعة : معتاد ، ولم يذكره آخرون لرجل أو امرأة إن أعد للبس مباح أو إعارة ، ولو من يحرم عليه كرجل يتخذ حلي النساء لإعارتهن ، أو امرأة تتخذ حلي الرجال لإعارتهم ، ذكره جماعة ، والثانية : يجب إذا لم يغير ولم يلبس ، قاله في " الأحكام السلطانية " ، نقل ابن هاني : زكاته عاريته ، وقال : هو قول خمسة من الصحابة ، وعنه : مطلقا ، لما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة في يدها سواران من ذهب : هل تعطين زكاة هذا ؛ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار " .

[ ص: 370 ] وجوابه : بأنه ضعيف ، قاله أبو عبيد ، والترمذي ، ولما صح من قوله : " وفي الرقة ربع العشر " .

وجوابه بأنها هي الدراهم المضروبة ، قال أبو عبيد : لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المضروبة ذات السكة السائرة بين الناس ، وعلى التقدير الشمول يكون مخصوصا بما ذكرنا ، ويستثنى منه إذا كان الحلي ليتيم لا يلبسه ، فلوليه إعارته ، فإن فعل فلا زكاة ، وإن لم يعره وجبت ، نص على ذلك ، ذكره جماعة ( فأما الحلي المحرم ) ؛ لأنه فعل محرم ، فلم يخرج به عن أصله ، وكذا قال أحمد : ما كان على سرج ولجام ، ويلحق به الآنية من النقدين ؛ لأن الصناعة لما كانت لمحرم جعلت كالعدم ، ولا يلزم من جواز الاتحاد جواز الصنعة ، كتحريم تصوير ما يداس مع جواز اتخاذه ( وما أعد للكراء ) بكسر الكاف والمد فقط ، فنص على وجوبها ، سواء حل له لبسه أو لا ؛ لأن الأصل من جنسه الزكاة ، وكما لو أعد لتجارة كحلي الصيارف ( أو النفقة ، ففيه الزكاة ) ؛ لأنه إنما سقطت مما أعد للاشتغال بصرفه عن جهة النماء ، فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل ، وقيدها في " المحرر " و " الشرح " بالاحتياج إليه ، قال في " الفروع " : أو لم يقصد ربه شيئا ( إذا بلغ ) كل واحد ( نصابا ، والاعتبار ) في نصاب الكل ( بوزنه ) ، هذا المذهب ؛ لعموم : " ليس فيما دون خمس أواق صدقة " ، ولو زادت قيمته ؛ لأنها حصلت بواسطة صنعة محرمة يجب إتلافها شرعا ، فلم يعتبر ، وحكى [ ص: 371 ] أبو الخطاب وجها باعتبار قيمته إذا كانت صياغتها مباحة ، كمن عنده حلي للكراء وزنه مائة وخمسون درهما ، قيمته مائتان ، وقيل : تعتبر القيمة مطلقا ، وحكي رواية بناء على أن المحرم لا يحرم اتخاذه ، ويضمن صنعته بالكسر ( إلا ما كان مباح الصناعة ) كحلي التجارة ( فإن الاعتبار في النصاب بوزنه ، وفي الإخراج بقيمته ) هذا قول ؛ لأنه لو أخرج ربع عشره لوقعت القيمة المقومة شرعا لا حظ فيها للفقراء ؛ وهو ممتنع ، فعلى هذا إذا كان وزنه مائتين ، وقيمته ثلاثمائة ، فعليه قدر ربع عشره دنانير ، وقيمته لأنها بغير محرم ، أشبه زيادة قيمته لنفاسة جوهره ، وإن أخرج ربع عشره مشاعا ، أو مثله وزنا مما يقابل جودته زيادة الصنعة جاز ، وإن خبر زيادة الصنعة بزيادة في المخرج ، فكمكسرة عن صحاح ، فإن أراد كسره منع لبعض قيمة ، وقال ابن تميم : إن أخرج من غيره بقدره جاز ، ولو من غير جنسه ، وإن لم يعتبر القيمة لم يمنع من الكسر ، ولم يخرج من غير الجنس ، لكن ذكره أبو الخطاب أن ظاهر كلام أحمد أنه يعتبر القيمة في الإخراج إن اعتبرت في النصاب ، وإن لم يعتبر في النصاب لم يعتبر في الإخراج ، لما فيه من سوء المشاركة ، أو تكليفه أجود لتقابل الصنعة ، فإن كان معدا للتجارة فتجب الزكاة في قيمته كالعروض .

التالي السابق


الخدمات العلمية