صفحة جزء
ولا يجوز إخراجها إلا بنية إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا ، وقال أبو الخطاب : لا تجزئه أيضا من غير نية ، فإن دفعها إلى وكيله اعتبرت النية في الموكل دون نية الوكيل ،


( ولا يجوز ) أي : لا يجزئ ( إخراجها إلا بنية ) لقوله : " إنما الأعمال بالنية " ولأنها عبادة ، فافتقرت إليها كالصلاة ، ومصرف المال إلى الفقير له جهات ، فلا يتعين إلا بتعيين ، فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال أو الفطر ، فلو نوى صدقة مطلقة لم يجزئه ، ولو تصدق بجميع ماله [ ص: 405 ] كصدقته بغير النصاب من جنسه ، ولا تعتبر نية الفرض ، ولا المال المزكى عنه ، وفي تعليق القاضي وجه : تعتبر نية التعيين إذا اختلف المال ، كشاة عن خمس من الإبل ، وأجزأ عن أربعين من الغنم ، فعلى الأول : إن نوى زكاة ماله الغائب ، فإن كان تالفا فعن الحاضر ، أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا ، بخلاف الصلاة ؛ لاعتبار التعيين فيها ، وإن أدى قدر زكاة أحدهما جعله لأيهما شاء لتعيينه ابتداء ، وإن لم يعينه أجزأ عن أحدهما ، ولو نوى عن الغائب فبان تالفا ، لم يكن له صرفه إلى غيره ، كعتق في كفارة معينة فلم تكن ، وإن نوى الغائب إن كان سالما أو نوى وإلا فنفل ، أجزأ ؛ لأنه حكم الإطلاق فلم يضر التقييد ، وقال أبو بكر : لا يجزئه ؛ لأنه لم يخلص النية للفرض ، والأولى مقارنتها للدفع ، وله تقديمها بزمن يسير كالصلاة ، وفي " الروضة " تعتبر عند الدفع ، ولو حركها لم تكف النية ( إلا أن يأخذها الإمام منه قهرا ) قاله الخرقي ، وجزم به في " الوجيز " فإنها تجزئ بغير نية رب المال في الظاهر بلا تردد ، بمعنى أنه لا يؤمر بأدائها ثانيا ، وظاهره أنها تجزئ في الباطن ؛ وهو أحد الوجوه ؛ لأن له ولاية على الممتنع ، فقامت نيته مقام نية المالك ، كولي الصبي ونحوه ، الثاني : وقاله القاضي ، إنها تجزئ إذا أخذها طوعا أو كرها ؛ لأن أخذه كالقسمة بين الشركاء ، ( وقال أبو الخطاب ) وابن عقيل ، وهو ظاهر " المحرر " ، واختاره حفيده : ( لا تجزئه - أيضا - من غير نية ) ؛ لأن الإمام إما وكيله أو وكيل الفقراء أو وكيلهما ، فتعتبر نية رب المال ، وكالصلاة ، فعلى هذا يقع نفلا من الطائع ويطالب بها ، ويجزئ للمكره ظاهرا لا باطنا كالمصلي مكرها ، وأجيب بأنه دال على المال ، ولا يصح إلحاق الزكاة بالقسمة ، [ ص: 406 ] لأنها ليست عبادة ، ولا تعتبر لها نية بخلاف الزكاة ، وقال القاضي في موضع : لا يحتاج الإمام إذنه منه ، ولا من رب المال .

فرع : لو غاب المالك أو تعذر إذنه لحبس ونحوه ، فأخذ الساعي من ماله أجزأ مطلقا ؛ لأنه له ولاية أخذها إذن ، ونية المالك متعذرة بما تعذر عليه كصرف الولي زكاة موليه ( فإن دفعها إلى وكيله ) المسلم الثقة ، نص عليه ، وقال القاضي : يجوز أن يكون كافرا على خلاف فيه ، كما لو استناب ذميا في ذبح أضحية ، وجزم في " منتهى الغاية " بجوازه كالمسلم ، وفي مميز وجهان ، ومقتضاه صحة التوكيل في إخراجها اتفاقا ( اعتبرت النية في الموكل ) ؛ لأنها واجبة عليه ، فاعتبرت من جهته ، وظاهره الإجزاء ، ولو تطاول زمن الإخراج ، اختاره أبو الخطاب ( دون نية الوكيل ) كما لو تقارب الدفع ، وقيده القاضي ، وابن عقيل ، وصاحب " الشرح " ، و " الوجيز " بالزمن اليسير ، فعلى هذا لو تطاول فلا بد من نية الوكيل - أيضا - لئلا يخلو الأداء إلى المستحق عن نية مقارنة مقاربة ، ويستثنى منه ما لو دفعها إلى الإمام ناويا ، ولم ينو الإمام حال الدفع ، جاز ، وإن طال الزمن ؛ لأنه وكيل الفقراء ، وظاهره أنه إذا نوى الوكيل أنه لا يجزئ ؛ لأن نيته لم يؤذن له فيها ، فتقع نفلا ، ولو أجازها ، وكذا من أخرج من ماله زكاة عن حي بلا إذنه ، لم يجزئه ولو أجازها ؛ لأنها ملك المتصدق ، فوقعت عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية