صفحة جزء
ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة ، فإن فعل ، فهل تجزئه ، على روايتين ، إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه ، فيفرقها في أقرب البلاد إليه ، وإذا كان في بلد وماله في آخر ، أخرج زكاة المال في بلده وفطرته في البلد الذي هو فيه ،


( ولا يجوز نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة ) نص عليه ، وجزم به الأكثر ؛ لقوله - عليه السلام - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : " أخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم " متفق عليه ، وقال سعيد : حدثنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : كان في كتاب معاذ : " من أخرج من مخلاف إلى مخلاف ، فإن صدقته وعشره ترد إلى مخلافه " وذكر القاضي في تعليقه وابن البنا : يكره ، وعنه : يجوز نقلها إلى الثغر ، وعنه : وغيره ، والأول : المذهب ، وعليه : لا فرق بين أن يكون لرحم وشدة حاجة أو لا . والساعي وغيره ، سواء نص على ذلك ، وعلم منه أنه يجوز نقل الكفارة والنذر والوصية المطلقة في [ ص: 408 ] الأصح ، ونقلها إلى دون مسافة قصر ، نص عليه ؛ لأنه في حكم بلد واحد ، بدليل أحكام رخص السفر ( فإن فعل فهل يجزئه ؛ على روايتين ) إحداهما : لا يجزئ ، اختاره الخرقي ، وابن حامد ، والقاضي ، وجماعة ، كصرفها في غير الأصناف ، والثانية : واختارها أبو الخطاب ، والمؤلف ، وصاحب " الوجيز " الإجزاء للعمومات ، ولأنه دفع الحق إلى مستحقه ، فبرئ كالدين ، ( إلا أن يكون في بلد لا فقراء فيه ) بالكلية ، أو كانوا وفضل عنهم ؛ لأن معاذا بعث إلى عمر صدقة من اليمن ، فأنكر عمر ذلك ، وقال : لم أبعثك جابيا ، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها في فقرائهم ، فقال معاذ : ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد من يأخذه مني . رواه أبو عبيد ، فينقلها ، نص عليه ، ومؤنة نقلها على المالك كالكيل ونحوه ( فيفرقها في أقرب البلاد إليه ) ؛ لأنهم أولى ، وحكم أهل البادية كذلك ، ولو عبر " بموضع " لكان أشمل ، ويستثنى من الأول ما لو كان نصاب من السائمة متفرقا في بلدين ، فإنه يجوز أن يخرج في أحدهما ؛ لئلا يفضي إلى التشقيص في ظاهر كلام أحمد ، والثاني : يلزمه في كل بلد بقدر ما فيه من المال ؛ لئلا ينقلها ( وإذا كان في بلد ، وماله في آخر ، أخرج زكاة المال في بلده ) أي : بلد المال ، نص عليه ؛ لئلا ينقل الصدقة عنه ، ولأن المال سبب الزكاة ، فوجب إخراجها حيث وجد السبب ، وإن كان متفرقا زكى كل مال حيث هو .

فرع : السفار بالمال يزكي من موضع أكثر إقامة المال فيه ، نقله الأكثر لتعلق الأطماع به غالبا ، ونقل محمد بن الحكم تفرقته في البلدان التي كان بها في الحول ، [ ص: 409 ] وقال القاضي : يفرق زكاته حيث حال حوله لئلا يفضي إلى تأخير ( و ) إخراج ( فطرته في البلد الذي هو فيه ) ؛ لأنه سببها ، فوجب إخراجها حيث وجد السبب .

التالي السابق


الخدمات العلمية