صفحة جزء
الثالث : العاملون عليها ، وهم الجباة لها والحافظون ، ويشترط كون العامل أمينا مسلما من غير ذوي القربى ، ولا يشترط حريته وفقره ، وقال القاضي : لا يشترط إسلامه ولا كونه من غير ذوي القربى ، وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط ، أعطي أجرته من بيت المال .


( الثالث : العاملون عليها ) للنص ( وهم الجباة لها ، والحافظون ) كالكاتب والقائم ونحوهما لدخولهم في مسمى العامل ( ويشترط كون العامل ) مكلفا ( أمينا ) وفي " الفروع " ومرادهم بها العدالة ، وفيه نظر ، ( مسلما ) في رواية ؛ وهي المذهب ؛ لقوله تعالى : لا تتخذوا بطانة من دونكم [ آل عمران : 118 ] [ ص: 418 ] لأنها ولاية ؛ ولاشتراط الأمانة أشبه الشهادة ؛ وهي تفتقر إلى العلم ومقادير الزكاة وقبول قولهم من المأخوذ منه ، والكافر ليس أهلا لذلك ، قال عمر : لا تأمنوهم ، وقد خونهم الله ، ويجوز أن يكون حاملها وراعيها ونحوهما كافرا ( من غير ذوي القربى ) هذا وجه ، وفي ابن المنجا أنه المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ؛ " لأن الفضل بن عباس ، والمطلب بن ربيعة سألا النبي - صلى الله عليه وسلم - العمالة على الصدقات فقال : إن الصدقة لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد " وهو نص في التحريم ، فلا يجوز مخالفته إلا أن يدفع إليه أجرته من غير الزكاة ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ( ولا يشترط حريته ) ؛ لأنه يحصل منه المقصود كالحر ، وفيه وجه : يشترط لكماله ، وقيل : يشترط في عمالة تفويض لا تنفيذ ، ( وفقره ) إجماعا ؛ لأنه - عليه السلام - أرسل عمر عاملا ، وكان غنيا ؛ ولأن ما يأخذه أجرة ، ( وقال القاضي : لا يشترط إسلامه ) في رواية ، واختارها الأكثر ؛ لأنه يأخذه بحق جبايته ، ولهذا قال ابن عقيل وأبو يعلى الصغير : يصح أن يوكله الوصي في مال اليتيم بيعا وابتياعا ، وليس بظاهر ، وفي " الأحكام السلطانية " يجوز أن يكون كافرا في زكاة خاصة عرف قدرها ، ( ولا كونه من غير ذوي القربى ) في أشهر الوجهين ، قال المجد : هو ظاهر المذهب كقرابة رب المال من والد وولد ، وكجباية الخراج ، والحديث محمول على التنزيه قال ابن منجا : وفيه نظر ، وقيل : إن منعوا الخمس ، وظاهره أنه لا يشترط ذكوريته ، قال في " الفروع " : وهذا متوجه ، وفيه نظر من جهة أنه لم يرد ما يدل عليه ، ومن تعليلهم بالولاية [ ص: 419 ] ولا فقهه ، واشترط في " الأحكام السلطانية " إن كان من عمال التفويض ، وإن كان منفذا فلا ؛ لأن الإمام عين له ما يأخذه .

وأطلق جماعة أنه لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه ، كسعاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط ) فلا ضمان عليه ؛ لأنه أمين ( أعطي أجرته من بيت المال ) ؛ لأنه من مصالح المسلمين ، وهذا منها ، وقيل : لا يعطى شيئا ، قال ابن تميم : واختاره صاحب " المحرر " ، وظاهره أنها إذا لم تتلف أعطي أجرته منها ، وإن جاوز الثمن ؛ لأن ما يأخذه العامل أجرة في المنصوص ، وعنه : له الثمن مما يجتنيه ، قال المجد : فعليها إن جاوزت أجرته الثمن أعطيه من المصالح ، ويقدم بأجرته على غيره ، وله الأخذ ، وإن تطوع بعمله ؛ للخبر ، والأصح أنه إذا جعل له جعل على عمل ، لم يستحق شيئا قبل تعميله ، وإن عقد له إجارة ، وعين له أجرة مما يأخذه ، فلا شيء له عند تلف ما أخذه ، وإن لم يعين أو بعثه الإمام ، ولم يسم له شيئا أعطي من بيت المال .

تنبيه : إذا ادعى المالك دفعها إلى العامل فأنكر ، صدق المالك بلا يمين ، وحلف العامل وبرئ ، ويقبل قول العامل في الدفع إلى الفقير ، وكذا إقراره بقبضها ، ولو عزل ، ولا يلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه ، جزم به ابن تميم ، وقيل : بلى ، وقيل : مع تهمته ، وتقبل شهادة أرباب الأموال عليه في وضعها في غير موضعها لا في أخذها منهم ، وإن شهد به بعضهم لبعض قبل التخاصم ، قبل وغرم العامل ، وإلا فلا ، وإن شهد أهل السهمان عليه أو له ، لم يقبل ، وإن عمل إمام أو نائبه عليها لم يستحق منها شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية