صفحة جزء
السادس : الغارمون وهم المدينون ، وهم ضربان : ضرب غرم لإصلاح ذات البين ، وضرب غرم لإصلاح نفسه في مباح .


( السادس : الغارمون ) للنص ( وهم المدينون ) كذا فسره الجوهري ؛ ( وهو ضربان : ضرب غرم لإصلاح ذات البين ) لقوله تعالى فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم [ الأنفال : 1 ] أي : وصلكم ، والبين : الوصل ، والمعنى : كونوا مجتمعين على أمر أبرم ، والمراد : أن تقع بينهم عداوة وضغائن يتلف بها نفس أو مال ، فيتحمل إنسان حمالة بفتح الحاء لإطفاء الفتنة وسكون النار التي كانت بينهم ، ثم يخرج في القبائل فيسأل حتى يؤديها ، فورد الشرع بإباحة المسألة فيها ، وجعل لهم نصيبا من الصدقة ، وحديث قبيصة شاهد بذلك ، وظاهره : أن الغارم يأخذ ، وإن لم يحل دينه ، وإن كانوا كفارا ، وفي " العمدة " وابن تميم و " الرعاية " الكبرى : من المسلمين ( وضرب غرم لإصلاح نفسه في مباح ) كمن استدان في نفقة نفسه وعياله أو كسوتهم ، وقيده بالمباح ليخرج ما استدان وصرفه في معصية كشرب الخمر والزنا ، ودخل فيه ما إذا اشترى نفسه من الكفار ، فيعطى قدره مع فقره ، وظاهره ولو كان في ذوي القربى ، وذكر المؤلف احتمالا بالمنع ، وكما لا يدفع إلى الغارم الكافر ، ذكره في " الشرح " ، وكذا لا يقضى منها دين ميت غرمه لمصلحة نفسه أو غيره لعدم أهلية لقبولها ، كما لو كفنه منها ، وحكى الشيخ تقي الدين رواية بالجواز ؛ لأن الغارم لا يشترط تمليكه ؛ لأنه تعالى قال : والغارمين ، ولم يقل للغارمين ، وفيه نظر . ومن تحمل بسبب إتلاف مال أو نهب أحد من الزكاة ، وكذا إن ضمن عن غيره مالا ، وهما معسران ، جاز الدفع إلى كل منهما .

[ ص: 424 ] مسائل : منها : إذا اجتمع الغرم والفقر ، أعطي بهما ، فإن أعطي للفقير ، فله صرفه في الدين ، وإن أعطي للغرم لم يصرفه في غيره ، قاله بعضهم .

ومنها : إذا دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير ، فعنه يصح ، كدفعها للفقير ، وعنه : لا ؛ لأن الدين على الغارم ، فلا يصح قضاؤه إلا بتوكيله ، ذكره في " المغني " ، و " الشرح " ، وهذا خلاف المذهب ، فإن كان الإمام دافعها لم يفتقر إلى وكالة لولايته عليه في إيفائه ، ولهذا يجبره عليه إذا امتنع .

ومنها : إذا أبرأ رب المال غريمه من دينه بنية الزكاة لم تسقط ، نص عليه ، سواء كان المخرج عينا أو دينا ، ويتوجه تخريج لقول الحسن وعطاء في أنها تسقط بناء على أنه هل هو تمليك أم لا ؛ وقيل : تجزئه من زكاة دينه ؛ لأنها مواساة ، ولا يكفي الحوالة بها ، جزم به ابن تميم ، بناء على الحوالة وفاء ، وذكر المؤلف أنها بمنزلة القبض ، وإلا كان بيع دين بدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية