صفحة جزء
الثالث : إسلام الكافر أصليا كان أو مرتدا وقال أبو بكر : لا غسل عليه .


( الثالث : إسلام الكافر أصليا كان أو مرتدا ) على الأصح ، لما روى أبو هريرة : أن ثمامة بن أثال أسلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل رواه أحمد ، وابن خزيمة من رواية العمري ، وقد تكلم فيه [ ص: 184 ] وروى له مسلم مقرونا ، وعن قيس بن عاصم : أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر رواه أحمد ، والترمذي ، وحسنه ، ولأنه لا يسلم غالبا من جنابة ، فأقيمت المظنة مقام الحقيقة كالنوم ، والتقاء الختانين ، ولأن المرتد مساو للأصلي في المعنى ، وهو الإسلام فوجب ، وظاهره لا فرق بين أن يغتسل قبل إسلامه ، وبين من أجنب أولا ، لأنه عليه السلام لم يستفصل ، ولو اختلف الحال لوجب الاستفصال ، ولا فرق فيه بين البالغ وغيره في ظاهر كلام الأكثر ، وقيده ابن حمدان بالبالغ ، ومقتضى ما ذكروه أن الغسل شرط لصحة الصلاة فيصير بمنزلة وطء الصبي ( وقال أبو بكر : لا غسل عليه ) وحكى في " الكافي " رواية . فعلى هذا يستحب الغسل ، وليس بواجب ، قال في " المغني " وغيره : إلا أن يكون وجد منه سببه قبل إسلامه كجنابة ، فيلزمه حينئذ ، وسواء اغتسل في كفره أو لا ، لأنه عليه السلام لم يأمر به في حديث معاذ حين بعثه إلى اليمن ، ولو كان واجبا لأمر به كغيره ، إذ هو أول واجبات بعد الإسلام ، ويقع كثيرا ، وتتوفر الدواعي على نقله ، ولو وقع لنقل ، وحديث أبي هريرة في إسناده مقال ، ويحمل على الاستحباب ، لحديث قيس بقرينة السدر ، وأجيب بأن حديث معاذ إنما ذكر فيه أصول الإسلام لا شرائطها ، فعلى هذا ، الأشهر : لو أجنب في كفره ثم أسلم تداخلا ، وعلى الثاني : يجب للجنابة ، فلو اغتسل في كفره أعاده لعدم صحة نيته ، واختار الشيخ تقي الدين لا ، إن اعتقد وجوبه ، بناء على أنه يثاب على طاعة في الكفر إذا أسلم ، وقيل : لا غسل على كافر مطلقا .

فرع : يستحب أن يغتسل مع الماء بالسدر ، - كإلقاء شعره - للخبر [ ص: 185 ] قال أحمد : ويغسل ثيابه ، قال بعضهم : إن قلنا بنجاستها وجب ، وإلا استحب .

فرع : يحرم تأخير الإسلام لغسل أو غيره ، ولو استشار مسلما فأشار بعدم الإسلام ، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر لم يجز ، وذكر صاحب " التتمة " من الشافعية أنه يصير مرتدا ، ورد عليه بعضهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية