صفحة جزء
فصل إذا جامع في نهار رمضان في الفرج قبلا كان أو دبرا ، فعليه القضاء والكفارة عامدا كان أو ساهيا وعنه لا كفارة عليه مع الإكراه والنسيان ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر ، وهل يلزمها مع عدمه ؛ على روايتين


فصل ( وإذا جامع في نهار رمضان في الفرج قبلا كان أو دبرا ، فعليه القضاء ، والكفارة عامدا كان أو ساهيا ) وفيه أمور :

الأولى : أن الجماع في نهار رمضان بلا عذر مفسد له لقوله - تعالى - فالآن باشروهن الآية ، فدلت أن الصيام المأمور بإتمامه ترك الوطء والأكل ، فإذا وجد فيه الجماع ، لم يتم فيكون باطلا ، والمكره كالمختار في ظاهر المذهب ، وشرطه أن يكون بذكر أصلي في فرج أصلي ، قبلا كان أو دبرا ، من ذكر أو أنثى ، حر أو ميت ، أنزل أو لا ; لأنه في مظنة الإنزال ; أو لأنه باطن كالدبر فلو أولج خنثى مشكل ذكره في قبل خنثى مشكل أو قبل امرأة ، أو أولج رجل ذكره في قبل خنثى مشكل ، لم يفسد صوم واحد منهما إلا أن ينزل كالغسل ، وكذا إذا أنزل مجبوب أو امرأتان بمساحقة

[ ص: 31 ] الثانية : أنه يجب عليه القضاء عن كل يوم مثله في قول أكثر العلماء لقوله - عليه السلام - للمجامع : وصم يوما مكانه رواه أبو داود و الأثرم ، وكما لو أفسده بالأكل .

الثالثة : عليه الكفارة ، لحديث الأعرابي ، وقال النخعي وغيره : لا كفارة عليه ; لأنها عبادة لا تجب الكفارة بإفساد قضائها ، فلم تجب بإفساد أدائها كالصلاة .

وجوابه بأن الأداء يتعلق بزمن مخصوص يتعين به ، والقضاء محله الذمة ، والصلاة لا يدخل في جبرانها المال بخلافه هنا .

الرابعة : الساهي كالعامد في وجوب ذلك ، نقله الجماعة ، وهو اختيار أكثر الأصحاب ; لأنه - عليه السلام - لم يستفصل الأعرابي بين أن يكون ساهيا أو عامدا ، ولو اختلف الحكم لاستفصله ، وبذلك استدل أحمد ، ولأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، والسؤال معاد في الجواب كأنه قال : إذا واقعت في صوم رمضان ، فكفر ، ولأنه عبادة يحرم الوطء فيها فاستوى عمده ، وسهوه كالحج .

( وعنه : لا كفارة عليه مع الإكراه والنسيان ) اختاره ابن بطة للخبر في العفو عن ذلك ، ولأن الكفارة لرفع الإثم ، وهي منحطة عنهما ، وعنه : ولا يقضي ، اختاره الآجري ، وأبو محمد الجوزي ، والشيخ تقي الدين ، وحكاه في شرح مسلم قول جمهور العلماء كالأكل .

تنبيه : إذا جامع يعتقده ليلا ، فبان نهارا فجزم الأكثر بوجوب القضاء ، وعنه : عكسه ، اختاره الشيخ تقي الدين . ويأتي رواية ابن القاسم ، واختار الأصحاب أنه يكفر . قال المجد : وإنه قياس من أوجبها على الناسي ، وأولى ، والثانية : لا يكفر ، وقالها أكثر العلماء ، وعليها إن علم في الجماع أنه نهار ، ودام عالما [ ص: 32 ] بالتحريم ، لزمته الكفارة ، فلو جامع ليلا وطلع عليه الفجر ، وهو مجامع ، واستدام فعليه القضاء والكفارة ، وإن نزع في الحال مع أول طلوعه ، وكذلك اختاره ابن حامد والقاضي ;لأن النزع جماع يلتذ به كالجماع ، واختار أبو حفص عكسه ، وقال ابن أبي موسى : يقضي قولا واحدا ، وفي الكفارة خلاف .

( ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر ) كالإكراه ، والنسيان ; لأنها معذورة ، ولعموم ما سبق . وذكر القاضي وغيره أنها إذا جامعت ناسية أن حكمها حكم الرجل ، وعنه : أنها تكفر ، وخرجها القاضي من الحج ، وعنه : يرجع بها على الزوج ; لأنه الملجئ لها إلى ذلك ، وعلم منه أنه يفسد صومها ، ويجب عليها القضاء . قال في " الشرح " : بغير خلاف نعلمه من المذهب ; لأنه نوع من المفطرات ، فاستوى فيه الرجل والمرأة ، كالأكل ، نص عليه في المكرهة ، وعنه : لا ، وقيل : يفسد إن فعلت إلا المقهورة والنائمة ، وأفسد ابن أبي موسى صوم غير النائمة لحصول مقصود الوطء لها قال في " الفروع " : ويتخرج أن لا يفسد صومها مع النسيان وإن فسد صومه ، وكذا الجاهلة ونحوها .

( وهل يلزمها مع عدمه ؛ على روايتين ) كذا في " المحرر " إحداهما : يلزمها الكفارة اختارها أبو بكر ، وقدمها في " الفروع " وهي أصح ; لأنها هتكت صوم رمضان بالجماع ، فلزمتها الكفارة كالرجل ، والثانية : لا ، وجزم بها في " الوجيز " لأن الشارع لم يأمرها بها ، وكفطرها بتغييب بعض الحشفة بعد سبق جماعها المعتبر ، وأجيب بأن في لفظ الدارقطني : هلكت وأهلكت فيدل على أنها كانت مكرهة ، وبأن ذلك البعض ليس له حكم الباطن والخوف ، وعنه : كفارة واحدة . خرجها أبو الخطاب من الحج ، وضعفه جماعة بأن الأصل عدم التداخل . فلو كانت من أهل العتق ، وهو من أهل الإطعام ، وقلنا بالتحمل خير بينهما ، وقيل : يطعم عن نفسه ، ويبقى العتق في ذمته حتى يقدر عليه فيعتق عنها .

[ ص: 33 ] فرع : إذا أكرهها على الوطء فيه ، دفعته بالأسهل فالأسهل ، ولو أفضى إلى نفسه كالمار بين يدي المصلي . ذكره ابن عقيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية