صفحة جزء
وعنه : كل أمر غلب عليه الصائم ، فليس عليه قضاء ولا كفارة ، وهذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان . وإن جامع دون الفرج فأنزل أو وطئ بهيمة في الفرج ، أفطر وفي الكفارة وجهان وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته ، وردت شهادته ، فعليه القضاء والكفارة ، وإن جامع في يومين ولم يكفر ، فهل تلزمه كفارة ، أو كفارتان ؛ على وجهين ، وإن جامع ، ثم كفر ، ثم جامع فعليه كفارة ثانية ، نص عليه وكذلك كل من لزمه الإمساك إذا جامع . ولو جامع وهو صحيح ، ثم مرض أو جن ، أو سافر ، لم تسقط عنه وإن نوى الصوم في سفره ، ثم جامع لا كفارة عليه ، وعنه : عليه الكفارة . ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان .


( وعنه : كل أمر غلب عليه الصائم ) كما لو غصبها نفسها ، فجامعها ، أو انتشر ذكره وهو نائم ، فاستدخلته ( فليس عليه قضاء ولا كفارة ) نقلها ابن القاسم عنه; لأنه لم يوجد منه فعل ، فلم يجبا ، كما لو صب في حلقه ماء أو طار إلى حلقه ذباب ، ( و ) قال المؤلف والأصحاب ( هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان ) قال ابن عقيل في مفرداته : الصحيح في الأكل والوطء إذا غلب عليهما ، لا يفسدان فأنا أخرج من الوطء رواية من الأكل ، وعكسه ، وقيل : يقضي من فعل ، لا من فعل به من نائم وغيره ، وقيل : لا قضاء مع النوم فقط لعدم حصول مقصوده .

( وإن جامع دون الفرج ) كمن وطئ امرأته في فخذها أو صرتها عامدا ، وقيل : أو ناسيا ، اختاره الأكثر ( فأنزل ) وفي " الفروع " : فأمنى - وهي أولى - ، فسد صومه ; لأنه إذا فسد باللمس مع الإنزال ، ففي المجامعة بطريق الأولى . وظاهره أنه إذا لم ينزل لا يفسد كاللمس .

( أو وطئ بهيمة في الفرج أفطر ) ; لأنه وطئ في فرج ، أشبه وطء الآدمية في فرجها ، ولم يقيده بالإنزال لإقامة المظنة مقام الحقيقة ، ( وفي الكفارة وجهان ) ذكرهما أبو الخطاب في وطء البهيمة بناء على الحد ، وقال ابن شهاب : لا يجب بمجرد الإيلاج فيه غسل ولا فطر ولا كفارة .

أحدهما : يجب ، اختاره الخرقي وأبو بكر ، والأكثر كالوطء في الفرج ، والفرق واضح والناسي كالعامد صرح به جماعة ، وفي " المغني " و " الشرح " و " الروضة " عامدا . وظاهره : لا فرق بين الميتة والحية في الأشهر .

[ ص: 34 ] والثاني : لا كفارة عليه اختاره صاحب " النصيحة " و " المغني " و " الشرح " و " الفروع " ; لأنه فطر بغير جماع تام أشبه القبلة .

( وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته ، وردت شهادته فعليه القضاء والكفارة ) ; لأنه أفطر يوما من رمضان بجماع ، فلزمته ، كما لو قبلت شهادته ، ( وإن جامع في يومين ولم يكفر فهل تلزمه كفارة ، أو كفارتان ؛ على وجهين ) أحدهما : تجزئه واحدة ، وهو ظاهر " الخرقي " ، واختاره أبو بكر وابن أبي موسى كما لو كانا في يوم واحد كالحدود ، والثاني : تعدد الكفارة بتعدد الأيام ، اختاره الأكثر ، وهو المذهب ، وحكاه ابن عبد البر عن أحمد ;لأن كل يوم عبادة ، وكيومين من رمضانين وكالحجتين . وظاهره أنه إذا كفر عن الأول ، كفر عن الثاني ، وذكره ابن عبد البر إجماعا . قال المجد : فعلى قولنا بالتداخل ، لو كفر بالعتق في اليوم الأول عنه ، ثم في اليوم الثاني عنه ، ثم استحقت الرقبة الأولى ، لم يلزمه بدلها ، وأجزأته الثانية عنهما ، ولو استحقت الثانية وحدها لزمه بدلها ، ولو استحقتا جميعا أجزأه بدلها رقبة واحدة لأن محل التداخل وجود السبب الثاني قبل أداء موجب الأول ، ونية التعيين لا تعتبر فتلغو وتصير كنية مطلقة هذا قياس مذهبنا .

( وإن جامع ثم كفر ، ثم جامع ) في يومه ( فعليه كفارة ثانية ، نص عليه ) في رواية حنبل ، والميموني ; لأنه وطء محرم ، وقد تكرر ، فتكرر هي كالحج ، بخلاف الوطء ليلا فإنه مباح ، لا يقال : الوطء هتك الصوم ، وهو مؤثر في الإيجاب فلا يصح القياس ; لأنه ملغى بمن طلع عليه الفجر ، وهو مجامع فاستدام فإنها تلزمه مع عدم الهتك له ، وذكر الحلواني رواية : لا كفارة [ ص: 35 ] وخرجه ابن عقيل من أن الشهر عبادة واحدة . وعلم منه أنه إذا لم يكفر عن الأول فإنه تكفيه واحدة بغير خلاف قاله في " المغني " و " الشرح " وفي " الفروع " على الأصح ، فعلى الأول تعدد الواجب ، وتداخل موجبه . ذكره صاحب " الفصول " وغيره ، وعلى الثاني : لم يجب بغير الوطء الأول شيء .

( وكذلك كل من لزمه الإمساك إذا جامع ) أي : كذا حكم كل مفطر يلزمه الإمساك كمن لم يعلم برؤية الهلال إلا بعد طلوع الفجر أو نسي النية ، أو أكل عامدا ، ثم جامع ، فتجب عليه الكفارة ;لهتكه حرمة الزمن به ، ولأنها تجب على المستديم للوطء ، ولا صوم هناك ، فكذا هنا ، فمراده بالتشبيه وجوب الكفارة لا التكرار ، لكن نص أحمد في مسافر قدم مفطرا ، ثم جامع لا كفارة عليه ، وحمله القاضي وأبو الخطاب على رواية : لا يلزمه الإمساك ، وحمله المجد على ظاهره ، وهو وجه لضعف هذا الإمساك ; لأنه سنة عند أكثر العلماء ، وفي تعليق القاضي وجه فيمن ترك النية وجامع : لا كفارة عليه ، وإن أكل ناسيا ، واعتقد الفطر به ثم جامع فكالناسي ، والمخطئ إلا أن يعتقد وجوب الإمساك فيكفر في الأشهر .

( ولو جامع وهو صحيح ، ثم مرض ، أو جن ، أو سافر ، لم تسقط عنه ) نص عليه فيما إذا مرض لأمره - عليه السلام - الأعرابي بالكفارة . ولم يسأله ، ولأنه أفسد صوما واجبا من رمضان بجماع تام ، فاستقرت عليه الكفارة كما لو لم يطرأ العذر .

لا يقال : تبينا أن الصوم غير مستحق عند الجماع لأن الصادق لو أخبره أنه سيمرض أو يموت لم يجز الفطر ، والصوم لا تتحرى صحته ، بل لزومه كصائم [ ص: 36 ] صح أو أقام ، وحكم المرأة كذلك إذا حاضت أو نفست ، وفي " الانتصار " وجه يسقط بهما لمنعهما الصحة ، ومثلهما موت ، وكذا جنون إن منع طريانه الصحة ، ( وإن نوى الصوم في سفره ) فله الفطر بما شاء لفطره - عليه السلام - في الأخبار الصحيحة ، ولأن من له الأكل له الجماع كمن لم ينو ( ثم جامع لا كفارة عليه ) اختاره القاضي ، وأكثر أصحابه ، والمؤلف ; لأنه صوم لا يلزم المضي فيه ، فلم يجب كالتطوع لكن ذكر المؤلف وغيره أنه يفطر بنيته الفطر ، فيقع الجماع بعده ، ( وعنه : عليه الكفارة ) جزم بها بعضهم ; لأنه أفطر بجماع ، فلزمته كالحاضر ، وعنه : لا يجوز له الفطر بالجماع ; لأنه لا يقوى على السفر ، وفي الكفارة روايتان لكن له الجماع بعد فطره بغيره كفطره بسبب مباح ، ونقل منها في المريض : يفطر بأكل فقلت : يجامع ؛ قال : لا أدري .

( ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان ) ; لأنه لم يرد به نص وغيره لا يساويه ، وحكى في " الرعاية " قولا في قضائه إذا أفسده ; لأنها عبادة تجب الكفارة في أدائها ، فوجبت في قضائها كالحج .

وجوابه بأنه جامع في غير رمضان ، فلم يلزمه كالكفارة ، والقضاء يفارق الأداء ; لأنه متعين بزمان محترم ، فالجماع فيه هتك له ، وقيل : تجب الكفارة على من أكل أو شرب عمدا كالجماع ، وعنه : في المحتجم - إذا كان عالما بالنهي - عليه الكفارة ، وهل هي كفارة وطء أو مرضع ؛ فيه روايتان . وفي القبلة ، وتكرار النظر إذا أنزل رواية أنها تجب الكفارة ، واختارها القاضي في تعليقه ، وحكم الاستمناء كالقبلة قاله في " التلخيص " واللمس كالوطء دون الفرج .

التالي السابق


الخدمات العلمية