صفحة جزء
[ ص: 46 ] فصل ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر لغير عذر ، فإن فعل ، فعليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم ، وإن أخره لعذر ، فلا شيء عليه وإن مات ، وإن أخره لغير عذر ، فمات قبل أن أدركه رمضان آخر ، أطعم عنه لكل يوم مسكين ، وإن مات بعد أن أدركه رمضان آخر ، فهل يطعم عنه لكل يوم مسكين أو اثنان ؛ على وجهين .


فصل ( ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر لغير عذر ) نص عليه ، واحتج بقول عائشة : كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متفق عليه ، وكما لا يؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية فلا يجوز التطوع قبله ، ولا يصح ، وعنه : بلى إن اتسع الوقت ( فإن فعل ) أي : أخره بلا عذر ، حرم عليه ; لأن مقتضاه وجوب القضاء على الفور كالصلاة خولف في المعذور فيبقى ما عداه على الأصل ، وحينئذ ( فعليه القضاء ، وإطعام مسكين ) ما يجزئ في الكفارة ( لكل يوم ) . رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس ، والدارقطني بإسناد صحيح عن أبي هريرة ، ورواه مرفوعا بإسناد ضعيف . قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال لا يلزمه قوله - تعالى - فعدة من أيام أخر ، وكتأخير أداء رمضان عن وقته عمدا ، وذكر الطحاوي عن ابن عمر بإسناد فيه ضعف أنه يطعم بلا قضاء ، وعلى الأول : يجوز قبل القضاء ومعه وبعده ، لقول ابن عباس ، وقال المجد : الأفضل عندنا تقديمه مسارعة إلى الخير ، وتخلصا من آفات التأخير ، وإذا تكرر رمضان لا يلزمه أكثر من فدية واحدة ; لأن كثرة التأخير لا يزاد بها الواجب كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله ( وإن أخره ) أي : القضاء ( لعذر ) من مرض أو سفر أو عجز عنه ( فلا شيء عليه ) نص عليه ، وهو قول أكثر العلماء ; لأنه حق لله - تعالى - وجب بالشرع ، فسقط بموت من يجب عليه قبل إمكان فعله إلى غير بدل كالحج . وفي " التلخيص " رواية يطعم عنه كالشيخ الكبير ، وقاله طاوس وقتادة . والفرق أنه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت ، وقال في " الانتصار " يحتمل [ ص: 47 ] أن يجب الصوم عنه أو التكفير كمن نذر صوما ، ( وإن مات ) أي : إذا أخر القضاء لعذر ، ثم مات كمن أخر القضاء لعذر ، وهو حي ، أنه لا يجب عليه شيء لكن الميت يسقط عنه القضاء والكفارة ، والحي تسقط عنه الكفارة دون القضاء ; لإمكانه ، فلو دام عذره بين الرمضانين فلم يقض ، ثم زال صام الشهر الذي أدركه ، ثم قضى ما فاته من غير إطعام نص عليه ، ( وإن أخره لغير عذر فمات قبل أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين ) قاله أكثرهم . رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعا بإسناد ضعيف ، والصحيح وقفه عليه ، وسئلت عائشة عن القضاء فقالت : " لا بل يطعم " . رواه سعيد بإسناد جيد ، ولأنه لا يدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت كالصلاة ، ( وإن مات بعد أن أدركه رمضان آخر ) فأكثر ( فهل يطعم عنه لكل يوم مسكين أو اثنان ؛ على وجهين ) أحدهما - وهو المذهب نص عليه في رواية أبي داود ، وجزم به في " الوجيز " : أنه يطعم عنه لكل يوم مسكين ; لأنه بإخراج كفارة واحدة زال تفريطه بالتأخير أشبه ما لو مات من غير تفريط ، والثاني : وهو لأبي الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لاجتماع التأخير ، والموت بعد التفريط .

تنبيه : الإطعام من رأس المال أوصى به أو لا ، وفي القضاء عن كل يوم يوم ، وقال الشيخ تقي الدين لا يقضي متعمد بلا عذر صوما ، ولا صلاة ، وليس في الأدلة ما يخالفه ، وفيه نظر . وإذا مات وعليه صوم شهر كفارة ، أطعم عنه ، وكذا لو مات وعليه صوم المتعة نص عليه ; لأن هذا الصوم وجب بأصل الشرع كقضاء رمضان ، فلو صام عن كفارة ميت ، لم يجزئه وإن أوصى به ، نص عليه .

[ ص: 48 ] وإن كان موته بعد قدرته عليه ، وقلنا : الاعتبار بحالة الوجوب أطعم عنه ثلاثة مساكين لكل يوم مسكين . ذكره القاضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية