صفحة جزء
ومن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور ، فعله عنه وليه وإن مات وعليه صلاة منذورة فعلى روايتين .


( ومن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف منذور ) هو راجع إلى الكل ، ولو قال : بنذرك " الوجيز " لكان أظهر ( فعله عنه وليه ) وفيه أمور :

الأولى : صوم النذر عن الميت هو كقضاء رمضان لما في " الصحيحين " أن امرأة جاءت النبي فقالت إن أمي ماتت ، وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال : " نعم " ، ولأن النيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها ، وهو أخف حكما من الواجب بأصل الشرع لإيجابه من نفسه ، ويفعله الولي نص عليه ، وعليه الأصحاب فإن صام غيره جاز مطلقا . جزم به الأكثر ; لأنه تبرع وقد شبهه - عليه السلام - بالدين . وظاهر نصه في رواية حرب أنه لا يصح إلا بإذنه ; لأنه خلاف القياس فيقتصر على النص ، وإن صام عنه جماعة في يوم فنقل أبو طالب يصوم واحد ، فمنع الاشتراك كالحجة المنذورة ، وعن الحسن وطاوس جوازه ، وهو أظهر ، وكما لو أوصى بثلاث حجج جاز صرفها إلى ثلاثة في عام يحجون عنه ، وجزم ابن عقيل بمنعه ; لأن نائبه مثله . وظاهر كلامهم أنه يستحب للولي فعله لتفريغ ذمته ، وليس بواجب كالدين لا يلزمه إذا لم يخلف تركة ، ويفعله أقرب الناس إليه كابنه فإن خلف تركة فإن شاء صام ، وإن شاء دفع إلى من يصوم عنه عن كل يوم مسكينا ، وذكر المؤلف أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت بخلاف رمضان ، ولا كفارة مع الصوم عنه ، أو الإطعام ، وهذا كله فيمن أمكنه صوم نذره فلم يصمه ، فلو أمكنه صوم بعضه قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ، ذكره القاضي وغيره ; لأن رمضان يعتبر فيه إمكان الأداء ، والنذر يحمل على أصله في الفرض .

[ ص: 49 ] الثانية : إذا مات ، وعليه حج منذور فعل عنه نص عليه لما روى ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن أمي نذرت أن تحج ، فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال : نعم حجي عنها . رواه البخاري . ولأنه منذور ، فكان للولي فعله كالصوم ، وعليه لا يعتبر تمكنه منه قبل الخبر ، وكنذر الصدقة والعتق ، وقيل : يعتبر كحجة الإسلام ، وهل لغيره فعله بإذنه أو مطلقا ؛ على الخلاف .

فرع : العمرة في ذلك كالحج .

الثالثة : إذا مات ، وعليه اعتكاف منذور فعل عنه ، نقله الجماعة لقول سعد بن عبادة : إن أمي ماتت ، وعليها نذر لم تقضه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اقضه عنها . رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح من حديث ابن عباس ، ومعناه متفق عليه ، وروي عن عائشة ، وابن عمر ، وابن عباس ، ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة ، وكالصوم ، وقيل : لا تصح فيهما ذكره في " الرعاية " فيخرج عنه كفارة يمين ، ويحتمل أن يطعم عنه لكل يوم مسكين ، ولو لم يوص به ، ولا يكون من ثلثه ، وعلى الأول إن لم يمكنه فعله حتى مات ، فالخلاف كالصوم قيل : يقضي ، وقيل : لا .

( وإن مات وعليه صلاة منذورة ، فعلى روايتين ) كذا في " المحرر " و " المستوعب " إحداهما ونقلها الجماعة ، وصححها ابن المنجا ، وقدمها في " الفروع " : أنها لا تفعل عنه ; لأنها عبادة بدنية محضة لا يخلفها مال ، ولا تجب بإفساده ، والثانية نقلها حرب ، واختارها الأكثر ، وصححها القاضي ، وجزم بها في " الوجيز " : أنها تفعل عنه كالصوم ، وعلى هذا تصح وصيته بها ، وحيث جاز فعل الصوم فلا كفارة مع فعله ، لظاهر النصوص ، وإلا أخرج عنه كفارة يمين لترك النذر .

[ ص: 50 ] قال المجد : إن كان قد فرط ، وإلا ففيها الروايتان فيمن نذر صوم شهر بعينه فلم يصمه ; لأن فوات أيام الحياة فيما إذا أطلق كفوات الوقت المعين إذا عين ، فلو نذر الطواف ، فقال في " الفروع " : ظاهر كلامهم أنه كالصلاة . وظاهره أن صلاة الفرض لا تفعل ، وذكره القاضي عياض إجماعا أنه لا يصلى عنه فائتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية