صفحة جزء
ومن دخل في صوم أو صلاة تطوعا ، استحب له إتمامه ولم يجب وإن أفسده ، فلا قضاء عليه .


( ومن دخل في صوم أو صلاة تطوعا ، استحب له إتمامه ) ; لأن به تكمل العبادة ، وذلك مطلوب ، ( ولم يجب ) لقول عائشة يا رسول الله أهدي لنا حيس ، فقال : أرينيه فلقد أصبحت صائما ، فأكل . رواه مسلم ، والخمسة ، وزاد النسائي بإسناد جيد : إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة ، فإن شاء أمضاها ، وإن شاء حبسها ولقوله - عليه السلام - : الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام ، وإن شاء أفطر . رواه أحمد ، وصححه من حديث أم هانئ ، وضعفه البخاري وغيره من المتطوعات كهو وكالوضوء ، وإن أفسده فلا قضاء عليه ; لأن [ ص: 58 ] القضاء يتبع المقضي عنه ، فإذا لم يكن ، واجبا لم يكن القضاء واجبا بل يستحب ، وقوله : تطوعا . يحترز به عما إذا دخل في ، واجب كقضاء رمضان ، والمكتوبة في أول وقتها ، وكنذر معين أو مطلق أو كفارة ، وإن قلنا : يجوز تأخيرهما فإنه يحرم خروجه منه بلا عذر ، ولأن الخروج من عهده الواجب متعين ، ودخلت التوسعة في وقته رفقا ، ومظنة للحاجة فإذا شرع تعينت المصلحة في إتمامها ، وعنه : يجب إتمام الصوم فإن أفسده ، وجب القضاء ذكره ابن البنا ، والمؤلف في " الكافي " لقوله - تعالى - ولا تبطلوا أعمالكم ، ولقوله - عليه السلام - لعائشة ، وحفصة وقد أفطرتا : لا عليكما ، صوما يوما مكانه . رواه أبو داود ، وكالحج ، وأجيب بأنهم ضعفوه ، ثم هو للاستحباب لقوله لا عليكما ، وبأن نفل الحج كفرضه في الكفارة ، وتقرير المهر بالخلوة معه بخلاف الصوم ، ونقل حنبل : إن أوجبه على نفسه فأفطر بلا عذر أعاد قال : القاضي أي : نذره ، وخالفه ابن عقيل ، وعلى المذهب لا يكره خروجه منه لعذر ، وإلا كره في الأصح ، وهل يفطر لضيفه ؛ يتوجه كصائم دعي ، وعنه : تلزم الصلاة بخلاف الصوم ، ومال إليه أبو إسحاق الجوزجاني ; لأنها ذات إحرام وإحلال كالحج ، وإذا شرع فيها قائما ، لم يلزمه إتمامها قائما بغير خلاف في المذهب ، واقتصر المؤلف : كأكثر الأصحاب ، وقيل : الاعتكاف كالصوم على الخلاف يعني إذا دخل فيه ، وقد نواه مدة لزمته ، ويقضيها ذكره ابن عبد البر إجماعا لا بالنية ، وإن لم يدخل خلافا لبعض العلماء ، وفي " الكافي " سائر التطوعات من الصلاة ، والاعتكاف وغيرهما كالصوم ، وذكر القاضي أن الطواف كالصلاة إلا ما خصه الدليل . قال : عبد الرزاق رأيت سفيان إذا كثر عليه أصحاب الحديث تركهم ، ودخل في الطواف ، فطاف شوطا أو شوطين ثم يخرج ، ويدعهم . وعلم منه أنه لا يلزم الصدقة والقراءة ، والأذكار بالشروع وفاقا . وأما [ ص: 59 ] الحج والعمرة ، فيلزم إتمامهما لانعقاد الإحرام لازما فإن أفسدهما أو فسدا لزمه القضاء ، وعنه : لا يلزم القضاء ، حكاها في " الهداية " و " الانتصار " وقال المجد : لا أحسبها إلا سهوا .

فرع : إذا قطع الصوم ونحوه فهل انعقد الجزء المؤدى ، وحصل به قربه أم لا ؛ وعلى الأول : هل يبطل حكما أو لا يبطل ؛ اختلف كلام أبي الخطاب ، وقطع جماعة ببطلانه وعدم الصحة ، وفي كلام الشيخ تقي الدين : أن الإبطال في الآية هو بطلان الثواب قال : ولا نسلم بطلان جميعه ، بل قد يثاب على ما فعله فلا يكون مبطلا لعمله .

التالي السابق


الخدمات العلمية