صفحة جزء
المسألة السادسة

[ ما يقوله في الركوع والسجود ]

اتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود لحديث علي في ذلك قال : " نهاني جبريل - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ القرآن راكعا ، وساجدا " قال الطبري : وهو حديث صحيح ، وبه أخذ فقهاء الأمصار ، وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ، وهو مذهب البخاري ; لأنه لم يصح الحديث عنده ، والله أعلم .

[ ص: 110 ] واختلفوا : هل في الركوع والسجود قول محدود يقوله المصلي أم لا ؟ فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود .

، وذهب الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم ) ثلاثا ، وفي السجود ( سبحان ربي الأعلى ) ثلاثا على ما جاء في حديث عقبة بن عامر . وقال الثوري : أحب إلي أن يقولها الإمام خمسا في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات .

والسبب في هذا الاختلاف : معارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر ، وذلك أن في حديث ابن عباس أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : " ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود ، فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " ، وفي حديث عقبة بن عامر أنه قال : " لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها في ركوعكم ، ولما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال : اجعلوها في سجودكم " وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله ، فكره ذلك مالك لحديث علي أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء " وقالت طائفة : يجوز الدعاء في الركوع ، واحتجوا بأحاديث جاء فيها أنه - عليه الصلاة والسلام - دعا في الركوع ، وهو مذهب البخاري ، واحتج بحديث عائشة قالت : " كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا ، وبحمدك اللهم اغفر لي " وأبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ، ومالك ، والشافعي يجيزان ذلك .

والسبب في ذلك : اختلافهم فيه ، هل هو كلام أم لا ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية