صفحة جزء
المسألة الثالثة

[ هيئة الجلوس ]

اختلف الفقهاء في هيئة الجلوس ، فقال مالك وأصحابه يفضي بأليتيه إلى الأرض ، وينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى ، وجلوس المرأة عنده كجلوس الرجل .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : ينصب الرجل اليمنى ويقعد على اليسرى . وفرق الشافعي بين الجلسة الوسطى والأخيرة ، فقال في الوسطى بمثل قول أبي حنيفة ، وفي الأخيرة بمثل قول مالك .

وسبب اختلافهم في ذلك تعارض الآثار ، وذلك أن في ذلك ثلاثة آثار : أحدها : وهو ثابت باتفاق حديث أبي حميد الساعدي الوارد في وصف صلاته - عليه الصلاة والسلام - وفيه " وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته " . والثاني : حديث وائل بن حجر ، وفيه " أنه كان إذا قعد في الصلاة نصب اليمنى وقعد على اليسرى " . والثالث : ما رواه مالك عن عبد الله بن عمر أنه قال : " إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى ، وتثني اليسرى ، وهو يدخل في المسند لقوله فيه : إنما سنة الصلاة ، وفي روايته عن القاسم بن محمد أنه أراهم الجلوس في التشهد ، فنصب رجله اليمنى ، وثنى اليسرى ، وجلس على وركه الأيسر ولم يجلس على قدمه ، ثم قال : أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر ، وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك ، فذهب مالك مذهب الترجيح لهذا الحديث ، وذهب أبو حنيفة مذهب الترجيح لحديث وائل .

وذهب الشافعي مذهب الجمع على حديث أبي حميد ، وذهب الطبري مذهب التخيير ، وقال : هذه الهيئات كلها جائزة وحسن فعلها لثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قول حسن ، فإن الأفعال المختلفة أولى أن تحمل على التخيير منها على التعارض ، وإنما يتصور ذلك التعارض أكثر في الفعل مع القول أو في القول مع القول .

التالي السابق


الخدمات العلمية