صفحة جزء
الفصل الخامس

في صفة الاتباع .

- وفيه مسألتان‌‌‌‌‌‌‌‌ : إحداهما : في وقت تكبيرة الإحرام للمأموم ، والثانية : في حكم من رفع رأسه قبل الإمام .

[ المسألة الأولى ]

[ وقت تكبير المأموم ]

أما اختلافهم في وقت تكبير المأموم ، فإن مالكا استحسن أن يكبر بعد فراغ الإمام من تكبيرة الإحرام ، قال : وإن كبر معه أجزأه ، وقد قيل : إنه لا يجزئه ، وأما إن كبر قبله فلا يجزئه . وقال أبو حنيفة وغيره : يكبر مع تكبيرة الإمام ، فإن فرغ قبله لم يجزه ، وأما الشافعي فعنه في ذلك روايتان : إحداهما مثل قول مالك وهو الأشهر .

والثانية : أن المأموم إن كبر قبل الإمام أجزأه .

وسبب الخلاف : أن في ذلك حديثين متعارضين : أحدهما : قوله - عليه الصلاة والسلام : - " فإذا كبر فكبروا " والثاني : ما روي " أنه - عليه الصلاة والسلام - كبر في صلاة من الصلوات ، ثم أشار إليهم أن امكثوا ، فذهب ، ثم رجع وعلى رأسه أثر الماء " فظاهر هذا أن تكبيره وقع بعد تكبيرهم ; لأنه لم يكن له تكبير أولا لمكان عدم الطهارة ، وهو أيضا مبني على أصله أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام ، والحديث ليس فيه ذكر هل استأنفوا التكبير أو لم يستأنفوه ، فليس ينبغي أن يحمل على أحدهما إلا بتوقيف ، والأصل هو الاتباع ، وذلك لا يكون إلا بعد أن يتقدم الإمام إما بالتكبير ، وإما بافتتاحه .

[ ص: 131 ] [ المسألة الثانية ]

[ رفع رأس المأموم قبل الإمام ]

وأما من رفع رأسه قبل الإمام فإن الجمهور يرون أنه أساء ولكن صلاته جائزة ، وأنه يجب عليه أن يرجع ، فيتبع الإمام . وذهب قوم إلى أن صلاته تبطل للوعيد الذي جاء في ذلك ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " أما يخاف الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية