صفحة جزء
[ الموضع الثالث ]

[ السفر الذي يجب فيه القصر ]

وأما الموضع الثالث وهو اختلافهم في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة ، فرأى بعضهم أن ذلك مقصور على السفر المتقرب به كالحج والعمرة والجهاد ، وممن قال بهذا القول أحمد .

ومنهم من أجازه في السفر المباح دون سفر المعصية ، وبهذا القول قال مالك والشافعي . ومنهم من أجازه في كل سفر قربة كان أو مباحا أو معصية وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، وأبو ثور .

[ ص: 143 ] والسبب في اختلافهم : معارضة المعنى المعقول أو ظاهر اللفظ لدليل الفعل ، وذلك أن من اعتبر المشقة أو ظاهر لفظ السفر لم يفرق بين سفر وسفر . وأما من اعتبر دليل الفعل قال : إنه لا يجوز إلا في السفر المتقرب به ; لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - لم يقصر قط إلا في سفر متقرب به . وأما من فرق بين المباح والمعصية فعلى جهة التغليظ ، والأصل فيه : هل تجوز الرخص للعصاة أم لا ؟ وهذه مسألة عارض فيها اللفظ المعنى ، فاختلف الناس فيها لذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية