صفحة جزء
الباب الثالث من الجملة الرابعة

في سجود السهو .

والسجود المنقول في الشريعة في أحد موضعين :

إما عند الزيادة أو النقصان اللذين يقعان في أفعال الصلاة وأقوالها من قبل النسيان لا من قبل العمد .

وإما عند الشك في أفعال الصلاة .

[ 1 - السجود الذي يكون للنسيان ]

فأما السجود الذي يكون من قبل النسيان لا من قبل الشك ، فالكلام فيه ينحصر في ستة فصول :

الفصل الأول : في معرفة حكم السجود .

الثاني : في معرفة مواضعه من الصلاة .

الثالث : في معرفة الجنس من الأفعال، والأفعال التي يسجد لها .

[ ص: 162 ] والرابع : في صفة سجود السهو .

الخامس : في معرفة من يجب عليه سجود السهو .

السادس : بماذا ينبه المأموم الإمام الساهي على سهوه .

الفصل الأول .

[ في معرفة حكم السجود ]

اختلفوا في سجود السهو هل هو فرض أو سنة ؟ فذهب الشافعي إلى أنه سنة . وذهب أبو حنيفة إلى أنه فرض لكن من شروط صحة الصلاة . وفرق مالك بين السجود للسهو في الأفعال ، وبين السجود للسهو في الأقوال ، وبين الزيادة والنقصان ، فقال : سجود السهو الذي يكون للأفعال الناقصة واجب ، وهو عنده من شروط صحة الصلاة ، هذا في المشهور ، وعنه أن سجود السهو للنقصان واجب ، وسجود الزيادة مندوب .

والسبب في اختلافهم : اختلافهم في حمل أفعاله - عليه الصلاة والسلام - في ذلك على الوجوب أو على الندب :

فأما أبو حنيفة فحمل أفعاله عليه - الصلاة والسلام - في السجود على الوجوب ، إذ كان هو الأصل عندهم ، إذ جاء بيانا لواجب كما قال - عليه الصلاة والسلام - : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .

وأما الشافعي فحمل أفعاله في ذلك على الندب ، وأخرجها عن الأصل بالقياس ، وذلك أنه لما كان السجود عند الجمهور ليس ينوب عن فرض ، وإنما ينوب عن ندب رأى أن البدل عما ليس بواجب ليس هو بواجب .

وأما مالك فتأكدت عنده الأفعال أكثر من الأقوال ، لكونها من صلب الصلاة أكثر من الأقوال - أعني : أن الفروض التي هي أفعال هي أكثر من فروض الأقوال - ، فكأنه رأى أن الأفعال آكد من الأقوال ، وإن كان ليس ينوب سجود السهو إلا عما كان منها ليس بفرض ، وتفريقه أيضا بين سجود النقصان والزيادة على الرواية الثانية ليكون سجود النقصان شرع بدلا مما سقط من أجزاء الصلاة ، وسجود الزيادة كأنه استغفار لا بدل .

التالي السابق


الخدمات العلمية