صفحة جزء
[ ص: 11 ] كتاب الطهارة من الحدث .

- فنقول : إنه اتفق المسلمون على أن الطهارة الشرعية طهارتان : طهارة من الحدث ، وطهارة من الخبث ، واتفقوا على أن الطهارة من الحدث ثلاثة أصناف : وضوء ، وغسل ، وبدل منهما وهو التيمم ، وذلك لتضمن ذلك آية الوضوء الواردة في ذلك ، فلنبدأ من ذلك بالقول في الوضوء ، فنقول : كتاب الوضوء .

- إن القول المحيط بأصول هذه العبادة ينحصر في خمسة أبواب : الباب الأول : في الدليل على وجوبها ، وعلى من تجب ، ومتى تجب .

الثاني : في معرفة أفعالها .

الثالث : في معرفة ما به تفعل وهو الماء .

الرابع : في معرفة نواقضها .

الخامس : في معرفة الأشياء التي تفعل من أجلها .

الباب الأول .

[ الدليل على وجوب الوضوء ]

- فأما الدليل على وجوبها فالكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب فقوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) الآية . فإنه اتفق المسلمون على أن امتثال هذا الخطاب واجب على كل من لزمته الصلاة إذا دخل وقتها .

وأما السنة فقوله - عليه الصلاة والسلام - " لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول " وقوله - عليه الصلاة والسلام - " لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ " وهذان الحديثان ثابتان عند أئمة النقل .

وأما الإجماع : فإنه لم ينقل عن أحد من المسلمين في ذلك خلاف ، ولو كان هناك خلاف لنقل ، إذ العادات تقتضي ذلك .

[ ص: 12 ] وأما من تجب عليه : فهو البالغ العاقل ، وذلك أيضا ثابت بالسنة والإجماع .

أما السنة : فقوله عليه الصلاة والسلام : " رفع القلم عن ثلاث ، فذكر الصبي حتى يحتلم ، والمجنون حتى يفيق " وأما الإجماع : فإنه لم ينقل في ذلك خلاف ، واختلف الفقهاء هل من شرط وجوبها الإسلام أم لا ؟ وهي مسألة قليلة الغناء في الفقه ، لأنها راجعة إلى الحكم الأخروي .

وأما متى تجب فإذا دخل وقت الصلاة ، أو أراد الإنسان الفعل الذي الوضوء شرط فيه ، وإن لم يكن ذلك متعلقا بوقت ، أما وجوبه عند دخول وقت الصلاة على المحدث فلا خلاف فيه لقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ) الآية ، فأوجب الوضوء عند القيام إلى الصلاة ، ومن شروط الصلاة دخول الوقت ، وأما دليل وجوبه عند إرادة الأفعال التي هو شرط فيها فسيأتي ذلك عند ذكر الأشياء التي يفعل الوضوء من أجلها واختلاف الناس في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية