صفحة جزء
المسألة الثانية

[ وضوء الميت ]

قال أبو حنيفة : لا يوضأ الميت . وقال الشافعي : يوضأ . وقال مالك : إن وضئ فحسن .

وسبب الخلاف في ذلك : معارضة القياس للأثر . وذلك أن القياس يقتضي أن لا وضوء على الميت ، لأن الوضوء طهارة مفروضة لموضع العبادة ، وإذا أسقطت العبادة عن الميت سقط شرطها الذي هو الوضوء ، ولولا أن الغسل ورد في الآثار لما وجب غسله .

وظاهر حديث أم عطية الثابت أن الوضوء شرط في غسل الميت لأن فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في غسل ابنته " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " وهذه الزيادة ثابتة خرجها البخاري ومسلم ، ولذلك [ ص: 193 ] يجب أن تعارض بالروايات التي فيها الغسل مطلقا ، لأن المقيد يقضي على المطلق ، إذ فيه زيادة على ما يراه كثير من الناس ، ويشبه أيضا أن يكون من أسباب الخلاف في ذلك معارضة المطلق للمقيد ، وذلك أنه وردت آثار كثيرة فيها الأمر بالغسل مطلقا من غير ذكر وضوء فيها ، فهؤلاء رجحوا الإطلاق على التقييد لمعارضة القياس له في هذا الموضع . والشافعي جرى على الأصل من حمل المطلق على المقيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية