صفحة جزء
الفصل الرابع

في مواضع الصلاة

واختلفوا في الصلاة على الجنازة في المسجد : فأجازها العلماء وكرهها بعضهم منهم أبو حنيفة وبعض أصحاب مالك ، وقد روي كراهية ذلك عن مالك ، وتحقيقه : إذا كانت الجنازة خارج المسجد والناس في المسجد .

وسبب الخلاف في ذلك : حديث عائشة وحديث أبي هريرة :

أما حديث عائشة : فما رواه مالك من أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له ، فأنكر الناس عليها ذلك ، فقالت عائشة : ما أسرع ما نسي الناس ، ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهل بن بيضاء إلا في المسجد .

وأما حديث أبي هريرة : فهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له " . وحديث عائشة ثابت ، وحديث أبي هريرة غير ثابت أو غير متفق على ثبوته ، لكن إنكار الصحابة على عائشة يدل على اشتهار العمل بخلاف ذلك عندهم ، ويشهد لذلك بروزه - صلى الله عليه وسلم - للمصلى لصلاته على النجاشي ، وقد زعم بعضهم أن سبب المنع في ذلك هو أن ميت بني آدم ميتة ، وفيه ضعف ، لأن حكم الميتة شرعي ، ولا يثبت لابن آدم حكم الميتة إلا بدليل .

وكره بعضهم الصلاة على الجنائز في المقابر للنهي الوارد عن الصلاة فيها ، وأجازها الأكثر لعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية