الجملة الخامسة  
فيمن تجب له الصدقة  
والكلام في هذا الباب في ثلاثة فصول :  
الأول : في عدد الأصناف الذين تجب لهم .  
الثاني : في صفتهم التي تقتضي ذلك .  
الثالث : كم يجب لهم ؟ .  
الفصل الأول  
في عدد  
الأصناف الذين تجب لهم الزكاة  
فأما عددهم : فهم الثمانية الذين نص الله عليهم في قوله تعالى : (  
إنما الصدقات للفقراء والمساكين     ) الآية .  
واختلفوا من العدد في مسألتين :  
إحداهما : هل يجوز أن تصرف جميع الصدقة إلى صنف واحد من هؤلاء الأصناف أم هم شركاء في الصدقة لا يجوز أن يخص منهم صنف دون صنف ؟ فذهب  
مالك  وأبو حنيفة  إلى أنه يجوز للإمام أن يصرفها في صنف واحد أو أكثر من صنف واحد إذا رأى ذلك بحسب الحاجة . وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي     : لا يجوز ذلك ، بل يقسم على الأصناف الثمانية كما سمى - الله تعالى - .  
وسبب اختلافهم : معارضة اللفظ للمعنى ، فإن اللفظ يقتضي القسمة بين جميعهم ، والمعنى يقتضي أن يؤثر بها أهل الحاجة إذ كان المقصود به سد الخلة ، فكان تعديدهم في الآية عند هؤلاء إنما ورد لتمييز الجنس - أعني : أهل الصدقات - لا تشريكهم في الصدقة ، فالأول أظهر من جهة اللفظ ، وهذا أظهر من جهة المعنى .  
ومن الحجة  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي     : ما رواه  
أبو داود  عن  
الصدائي  أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيه من الصدقة ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006156إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك     " .  
وأما المسألة الثانية : فهل المؤلفة قلوبهم حقهم باق إلى اليوم أم لا ؟ فقال  
مالك     : لا مؤلفة اليوم . وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وأبو حنيفة     : بل  
حق المؤلفة  باق إلى اليوم إذا رأى الإمام ذلك ، وهم الذين يتألفهم الإمام على الإسلام .  
وسبب اختلافهم : هل ذلك خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو عام له ولسائر الأمة ؟ والأظهر أنه عام .   
[ ص: 231 ] وهل يجوز ذلك للإمام في كل أحواله أو في حال دون حال ؟ - أعني : في حال الضعف لا في حال القوة - ولذلك قال  
مالك     : لا حاجة إلى المؤلفة الآن لقوة الإسلام ، وهذا كما قلنا التفات منه إلى المصالح .