صفحة جزء
المسألة السادسة

[ حكم الوضوء بنبيذ التمر ]

صار أبو حنيفة من بين معظم أصحابه وفقهاء الأمصار إلى إجازة الوضوء بنبيذ التمر في السفر لحديث ابن عباس : " أن ابن مسعود خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل معك من ماء ؟ فقال : معي نبيذ في إداوتي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اصبب . فتوضأ به ، وقال : شراب وطهور " وحديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن مسعود بمثله ، وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثمرة طيبة وماء طهور " وزعموا أنه منسوب إلى الصحابة علي وابن عباس ، وأنه لا مخالف لهم من الصحابة ، فكان كالإجماع عندهم .

ورد أهل الحديث هذا الخبر ولم يقبلوه لضعف رواته ، ولأنه قد روي من طرق أوثق من هذه الطرق أن ابن مسعود لم يكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن .

واحتج الجمهور لرد هذا الحديث بقوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) قالوا : فلم يجعل ههنا وسطا بين الماء والصعيد ، وبقوله - عليه الصلاة والسلام - " الصعيد الطيب وضوء المسلم ، وإن لم يجد الماء إلى عشر حجج ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته " ولهم أن يقولوا : إن هذا قد أطلق عليه في الحديث اسم الماء ، والزيادة لا تقتضي نسخا فيعارضها الكتاب ، لكن هذا مخالف لقولهم إن الزيادة نسخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية