صفحة جزء
[ المسألة الثانية ]

[ هل الأفضل للمسافر الصوم أو الفطر ]

وأما المسألة الثانية : وهي هل الصوم أفضل أو الفطر ؟ إذا قلنا أنه من أهل الفطر على مذهب الجمهور; فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة مذاهب :

فبعضهم رأى أن الصوم أفضل ، وممن قال بهذا القول مالك وأبو حنيفة .

وبعضهم رأى أن الفطر أفضل ، وممن قال بهذا القول أحمد وجماعة .

وبعضهم رأى أن ذلك على التخيير ، وأنه ليس أحدهما أفضل .

والسبب في اختلافهم : معارضة المفهوم من ذلك لظاهر بعض المنقول ، ومعارضة المنقول بعضه لبعض، وذلك أن المعنى المعقول من إجازة الفطر للصائم إنما هو الرخصة له لمكان رفع المشقة عنه ، وما كان رخصة فالأفضل ترك الرخصة ، ويشهد لهذا حديث حمزة بن عمرو الأسلمي خرجه مسلم أنه قال : " يا رسول الله أجد في قوة على الصيام في السفر فهل علي من جناح ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " وأما ما ورد من قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ليس من البر أن تصوم في السفر " ، ومن أن آخر فعله - عليه الصلاة والسلام - كان الفطر ، فيوهم أن الفطر أفضل ، لكن الفطر لما كان ليس حكما وإنما هو فعل المباح عسر على الجمهور أن يضعوا المباح أفضل من الحكم .

وأما من خير في ذلك فلمكان حديث عائشة قالت : " سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصيام في السفر فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " خرجه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية